للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: ويدفع السارق الأبيات، معناه أن السارق يقضى عليه برد السرقة إذا كانت قائمة مطلقا، قطع أو لم يقطع، أيسر أو أعسر، وإن فاتت فإن لم يقطع اتبع بها أيضا مطلقا، أيسر أو أعسر، وإن قطع اتبع بها إن اتصل يسره بها من السرقة إلى يوم القطع، وإن أعسر بها في ما بين ذلك لم يتبع بها، هذا قول مالك - رحمه الله تعالى - في المدونة، وهو المشهور، قال في التبصرة: وقال أبو محمد عبد الوهاب: قال بعض شيوخنا: القيمة مع القطع استحسان، والقياس أنه لا يلزمه شيء، لأنه لو لزمه الغرم مع اليسر للزمه مع العسر، وإنما استحسن ذلك لجواز أن يكون قد قبض لها ثمنا واختلط بماله، وحكى ابن شعبان قولا رابعا أنه يتبع مع القطع وإن كان معسرا، قال: وهو قول غير واحد من أهل المدينة المنورة، لأن القطع حق لله عز وجل لا يعفى عنه، وإن تاب السارق وحسنت توبته، والغرم حق لآدمي، وحقوق الله سبحانه وتعالى لا تسقط حق الآدمي، كما يجب على الزاني المحصن - يريد إذا اغتصب امرأة - الصداق مع الرجم.

ووجه المشهور من عدم الاتباع في العسر ما في اتباعه وهو معسر مع قطعه من اجتماع عقوبتين، وفرق بينه وبين مسألة المحصن بتعدد السبب، قال القاضي عبد الوهاب: لأن هاتين عقوبتان عن سببين نقله في التاج.

فالزنى سبب للرجم، والإكراه سبب للمهر، فالفعل وإن كان واحدا إلا أنه في حكم المتعدد بتعدد وصفه، فهو من حيث هو زنى سبب للحد، ومن حيث هو زنى مكره عليه موجب للصداق، لكن هذا المعنى حاصل في السرقة أيضا فانظر ذلك.

<<  <   >  >>