واختلف قول مالك - رحمه الله تعالى - في حد القذف، فجعله مرة حقا للمقذوف، فأجاز له العفو قبل بلوغ الإمام وبعده، وجعله مرة حقا لله سبحانه وتعالى فلم يجز له العفو وإن لم يبلغ الإمام، وهذا ما لم يرد بالعفو الستر على نفسه، وإلا كان له ذلك قبل الإمام وبعده اتفاقا، وقد روى مالك - رحمه الله تعالى - ذلك في الموطإ من قضاء عمر بن عبد العزيز - رضي الله تعالى عنه -.
قال ابن عرفة - رحمه الله تعالى -: وفي الأقضية منها: وإذا سمع السلطان قذفا، فإن كان معه شهود لم يجز فيه عفو الطالب، إلا أن يريد سترا، مثل أن يخاف أن يثبت ذلك عليه إن لم يعف، قيل لمالك - رحمه الله تعالى -: فكيف يعرف ذلك؟ قال: يسأل الإمام عن ذلك سرا، فإن أخبر أن ذلك أمر قد سمع أجاز عفوه، الشيخ عن الموازية: يعني إذا أراد سترا، قال مالك: مثل أن يكون ضرب الحد قديما، فيخاف أن يظهر ذلك عليه الآن، وقال ابن الماجشون: قول مالك: إذا أراد سترا، يعني إذا كان مثله يفعل ذلك، ولا يكلف أن يقول أردت سترا، لأن قول ذلك عار، فأما العفيف الفاضل فلا يجوز عفوه، الصقلي عن محمد: وهذا إذا قذفه في نفسه، وإن قذف أبويه أو أحدهما وقد مات المقذوف لم يجز العفو فيه بعد بلوغ الإمام، وقاله ابن القاسم وأشهب، قال ابن عرفة: وفي النوادر: قال محمد: ويجوز عفو الولد عن الأب عند الإمام قاله مالك - رحمه الله تعالى - قال: ويجوز عفوه عن جده لأبيه عند الإمام كأبيه، وأما عن جده لأمه فلا، قال ابن عرفة: مقتضى قولها في نسبه إلى جده لأمه أنه كنسبه إلى جده لأبيه أنهما سواء.