للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: وأجزأت وفقا ... البيت، فيه مسائل الأولى جواز الاقتصار على الاستجمار وهذا أمر مجمع عليه عند عدم الماء، وأما مع وجوده فقال ابن حبيب: لا يجوز، وتأوله الباجي على الاستحباب، قال: وإلا فهو خلاف الإجماع، نقله سيدي زروق -رحمه الله تعالى -وهو أيضا خلاف الأحاديث الصحيحة، والاستجمار إنما يجوز في الغائط وبول الذكر خاصة، وذلك ما عبر عنه الجلاب في التفريع بقوله: السفرة والبسرة، وقال: وما قارب المخرج مما لا بد منه ولا انفكاك عنه فحكمه في العفو عندي عن غسله حكم المخرجين، وقال ابن عبد الحكم خلافه انتهى.

ويستثنى من جواز الاستجمار في الغائط من به علة يبرز المخرج لأجلها، كباسور، فلا بد في حقه من الاستنجاء على ما يظهر، إذ لا يحصل الإنقاء له بغير الماء، والله سبحانه وتعالى أعلم.

الثانية ما يقع به الاستجمار، قال ابن عرفة -رحمه الله تعالى ـ: ضبطه المازري بكل منق، طاهر، غير مطعوم، ولا ذي حرمة، فأخرج العظم، والزجاج، والنجس، والطعام، ولو للجن، وحائط المسجد.

وزاد عياض منفصل، جامد، غير ذي شرف، ولا منجس غيره، فأخرج اليد، والرَّطب، والحجر المبتل، والجدار، ولو لمرحاض انتهى.

وقوله ـ ولو للجن، يعني العظم لما في الحديث الصحيح من أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال للجن: " لكم كل عظم ذكر اسم الله تعالى عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكل بعرة علف لدوابكم، قال صلى الله تعالى عليه وسلم: " فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم " (١) ويفهم منه النهي عن الاستنجاء بما يطعمه الآدميون، وما يعلفون به دوابهم، ويفهم منه النهي عن تنجيس هذه الأشياء بالبول عليها مثلا، أو إلقاء نجاسة عليها، والنهي عما يمنع الانتفاع بها مطلقا والله سبحانه وتعالى أعلم.


(١) رواه مسلم والترمذي والإمام أحمد وفي لفظ الإمام أحمد " وكل بعرة أو روثة " بزيادة الروثة.

<<  <   >  >>