فيجب ألا يولى القضاء من أراده وطلبه، وإن اجتمعت فيه شروط القضاء، مخافة أن يوكل إليه فلا يقوم به، ولا يقوى عليه، قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم -: " إنا لا نستعمل على عملنا من أراده "(١) ونظر عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - إلى شاب في وفد وَفَد عليه فاستحلاه وأعجبه، فإذا هو يسأله القضاء، فقال له عمر - رضي الله تعالى عنه -: قد كدت أن تغرنا من نفسك، إن الأمر لا يقوى عليه من يحبه.
وذكر ابن ناجي - رحمه الله تعالى - أن ابن الأغلب بقي يطلب سحنون بن سعيد نحوا من عام وهو يمتنع، حتى حلف له لئن لم تتقدم لأقدمن على الناس رجلا من الشيعة، فتقدم لما تعين عليه.
وقال في التاج: ابن عرفة: قبول ولاية القضاء من فروض الكفاية إن كان بالبلد عدد يصلحون لذلك، فإن لم يكن من يصلح لذلك إلا واحد، تعين عليه، وأجبر على الدخول فيه، وقال الباجي: يجب على من هو أهله السعي في طلبه، إن علم أنه إن لم يل ضاعت الحقوق، أو وليه من لا يحل أن يولى، وكذا إن وليه من لا تحل ولايته ولا سبيل لعزله إلا بطلبه، وقيل يستحب طلبه لمجتهد خفي علمه وأراد إظهاره لولاية القضاء، أو لعاجز عن قوته وقوت عياله إلا برزق القضاء.