للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: والمسجد الحرام الأبيات الخمسة، معناه أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في ما سواه من المساجد مائة ألف مرة إلا المسجد النبوي، فقد اختلف في الصلاة فيه مع الصلاة في المسجد الحرام، فذهب علماء المدينة المنورة إلى أن الصلاة في المسجد النبوي أفضل، ولكن بدون ألف، وأن ذلك هو المراد بالاستثناء في قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة في ما سواه إلا المسجد الحرام " (١) وهو خلاف المتبادر، وقد جاء التصريح في بعض الأحاديث الصحيحة بأن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في المسجد النبوي مائة مرة، (٢) وجاء أن الصلاة في المسجد الأقصى أفضل من الصلاة في ما سواه من المساجد بخمسمائة مرة، (٣) ولا فرق في هذا التضعيف بين أصل المسجد وما استحدث من التوسعة كما اقتضاه عمل الخلفاء الراشدين حيث زادوا في المسجد من جهة القبلة، واختلف في المراد بالمسجد الحرام، فمنهم من قال المراد الحرم كله، واحتج بآية الإسراء (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام) الآية وقد جاء أنه كان في بيت أم هانئ - رضي الله تعالى عنها - وقيل المراد خصوص المسجد، وإن كان الحرم كله أفضل مما سواه، وذلك أن المسجد الحرام إنما هو حقيقة عند الإطلاق في خصوص البناء المكتنف الكعبة الشريفة عرفا، وهو ظاهر، وشرعا إذ لا تجري على البيوت وبقية الحرم أحكام المساجد التي تختص بها، وأما الآية الكريمة فهي جارية على المعهود في كلام العرب، من إضافة ما حول العظيم من الأمكنة إليه، لا سيما في بيان ابتداء المسافة البعيدة.


(١) متفق عليه.
(٢) رواه الإمام أحمد وابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما، وهو حديث صحيح.
(٣) رواه البزار، وقال: إسناده حسن.

<<  <   >  >>