للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتج بقوله سبحانه وتعالى: (كما ربياني صغيرا) والتربية لا تكون إلا للوالدين ... قال القاضي عياض - رحمه الله تعالى - في الإكمال: والذي عندي خلاف ما ذهب إليه كله، والمعروف من قول مالك - رحمه الله تعالى - ومن وافقه من أهل العلم من أصحابه لزوم بر الأجداد، وتقديمهم، وقربهم من الآباء، وقد روي عن مالك - رحمه الله تعالى - أنه لا يقتص من الجد لابن ابنه، إلا أن يفعل به ما لا شك في قصده قتله كالأب سواء، وكذلك قالوا في الجهاد بغير إذنه لا يجوز كالآباء، وكذلك اختلف في تغليظ الدية عليه في عمد قتله، وفي قطعه في السرقة من مال حفيده، وأما الحديث الذي احتج به من قوله: " أمك وأباك وأخاك ومولاك " فهو حجة عليه، لأنه لما لم يذكر الأجداد وقد ذكر الموالي، دل على أنهم داخلون في عموم الآباء، وحسن ابن عبد السلام - رحمه الله تعالى - قول الطرطوشي، وقال في احتجاج عياض إنه إنما يتم على من يدعي أن الجد لا حظ له من البر، وهذا لم يذهب إليه أحد ... قال مقيده عفا الله تعالى عنه: وليس هذا بصواب، فعياض إنما اعترض تأخير الجد عن الإخوة، ولم يقل بمساواته للأب، فكلامه في غاية الظهور والله سبحانه وتعالى أعلم ... قوله: لو فسقا أو كفرا، معناه أن بر الوالدين واجب، وإن كانا فاسقين أو كافرين، وبر الكافر ينقطع بالموت، وقد تقدم الكلام على طاعته في الجهاد، والحمد لله رب العالمين، ونقل ابن ناجي - رحمه الله تعالى - عن بعضهم أن الفاسق من الأبوين يزاد له في الدعاء على الآخر، وهو بين.

قوله: فلتقل لدى الخطاب البيت، معناه أنه يؤمر بالتذلل لهما في الخطاب، وقد جاء عن سعيد بن المسيب - رضي الله تعالى عنهما - أنه فسر القول الكريم المذكور في الآية الكريمة بقوله: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ.

قوله: وعاشرنهما بمعروف، أشار به إلى ما جاء في الآية الكريمة من الأمر بمصاحبتهما في الدنيا معروفا.

<<  <   >  >>