للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: ولا تطعهما بما عليك حظلا، معناه أنه لا يجوز برهما في ما حرم الله سبحانه وتعالى، لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " إنما الطاعة في المعروف " (١) وقوله: " لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق " (٢) قال القرافي - رحمه الله تعالى - في الفرق الثالث والعشرين بعد بحوث: إذا تقررت هذه المسائل، وهذه المباحث، ظهر لك الفرق بين قاعدة الواجب للأجانب، والواجب للوالدين، فإن كل ما يجب للأجانب يجب للوالدين، وضابط ما يختص به الوالدان دون الأجانب، هو اجتناب مطلق الأذى كيف كان، إذا لم يكن فيه ضرر على الإبن، ووجوب طاعتهما في ترك النوافل، وتعجيل الفروض الموسعة، وترك فروض الكفاية إذا كان ثم من يقوم بها، وما عدا ذلك لا تجب طاعتهم فيه، وإن ندب إلى طاعتهم وبرهم مطلقا، وكذلك الأجانب يندب برهم مطلقا، غير أن الندب في الأبوين أقوى في غير القرب والنوافل، ولا ندب في طاعة الأجانب في ترك النوافل، بل الكراهة من غير تحريم.

وأما ما فيه ضرر فلا يجب فيه البر، وقد سأل رجل مالكا - رحمهما الله تعالى - له والدة وأخت وزوجة، قال: فكلما رأت لي شيئا، قالت: أعطني هذا لأختك، فأكثرت علي من هذا، فإن منعتها سبتني ودعت علي، فقال له: ما أرى أن تغايظها، وتَخَلَّصْ منها بما قدرت عليه وغيب عنها ما كان لك، قال: أين أخبئه؟ ذلك معي في البيت، قال: أما أنا فلا أرى أن تغايظها، وأن تتخلص من سخطها بما قدرت عليه.


(١) متفق عليه.
(٢) رواه الإمام أحمد والحاكم، وهو حديث صحيح.

<<  <   >  >>