للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: ولا تدع وراءه الكلام، معناه أنه يستحب أن لا يكف عن كلامه بعد السلام إذا كان السلام مخرجا عن الهجران، وذلك حيث لم يكف عن السبب كما تقدم ... هذا ومحل ما ذكر من منع الهجران أكثر من ثلاث إذا كان لأمر دنيوي، وأما ما كان لأمر ديني، كالبدعة والفسوق، فواجب لا ينقطع وجوبه إلا بالتوبة، وإلى هذا أشار بقوله: وهجر ذي البدعة البيت، وقوله: حيث إلى تأديبه البيت، معناه أنه إنما يهجره إذا لم يقدر على وعظه، أو قدر عليه ولم يفد، ولم يصل إلى عقوبته، قال سيدي زروق - رحمه الله تعالى -: والظاهر لمن قدر على ذلك يلزمه، وليس ذلك إلا لمن بسطت يداه في الأرض، أو كان بمحل لا يلحقه به غيره من الأمراء، ولا يلحقهم منه غير، وإلا فالله سبحانه وتعالى أولى بالعذر، وهل يبلغ بالعقوبة الحد ويتجاوزه إن رآه زجرا، وهو المشهور، أو لا يتجاوز عشرة أسواط، لحديث " لا يتجاوز عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله سبحانه وتعالى " (١) وقال به أشهب في جماعة من العلماء والله سبحانه وتعالى أعلم ... قوله: وليس ذكر حاله بالممتنع الأبيات الثلاثة، معناه أن الفاسق المجاهر بفسقه لا غيبة في ذكره بفسوقه، وقد جاء في الصحيح عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - أنها قالت: استأذن رجل على رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - وأنا معه في البيت، فقال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم -: " بئس ابن العشيرة " ثم أذن له، قالت: فلم أنشَب أن سمعت ضحك رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - معه، فلما خرج الرجل قلت: يا رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - قلتَ فيه ما قلتَ، ثم لم تنشَب أن ضحكت معه، فقال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم -: " إن من شر الناس من اتقاه الناس لشره " (٢)


(١) لم أقف عليه.
(٢) رواه أبو داود والترمذي والإمام مالك والإمام أحمد، وهو حديث صحيح ..

<<  <   >  >>