وهذا الحديث الشريف صريح في أن المكس أشد من الزنى بكثير، لأن شأن المبالغة تباعد طرفيها، ولا تضر مع الندم شهوة نفس لا يقدر على دفعها، ولا تصح التوبة مع الإصرار، وهو الإقامة على المعصية مع نية الرجوع إليها، وقيل إن الإصرار هو مجرد نية الرجوع إلى الذنب، وإلى شرط عدم الإصرار أشار بقوله: من غير إصرار البيت، وذلك لقوله جل من قائل:(ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) ... قوله: وواجب في التوب رد ظلم يمكنه، معناه أنه يشترط في صحة التوبة إذا تعلق الذنب بترك واجب يمكن تداركه، تدارك ذلك الحق، سواء كان حقا لله سبحانه وتعالى أو لآدمي، قال القرطبي - رحمه الله تعالى - في تفسيره: قال العلماء: الذنب الذي تكون منه التوبة لا يخلو إما أن يكون حقا لله سبحانه وتعالى أو للآدميين، فإن كان حقا لله سبحانه وتعالى كترك صلاة، فإن التوبة لا تصح منه حتى ينضم إلى الندم قضاء ما فات منها، وهكذا إن كان ترك صوم أو تفريطا في الزكاة، وإن كان قتل نفس بغير حق فأن يمكن من القصاص إن كان عليه وكان مطلوبا به، وإن كان قذفا يوجب الحد، فيبذل ظهره للجلد إن كان مطلوبا به، فإن عفي عنه كفاه الندم والعزم على ترك العود بالإخلاص، وكذلك إن عفي عنه في القتل بمال، فعليه أن يؤديه إن كان واجدا له، قال الله سبحانه وتعالى:(فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان) وإن كان ذلك حدا من حدود الله سبحانه وتعالى كائنا ما كان، فإنه إذا تاب إلى الله سبحانه وتعالى بالندم الصحيح سقط عنه، إلى أن قال: فإن كان الذنب من مظالم العباد، فلا تصح التوبة منه إلا برده إلى صاحبه، والخروج عنه، عينا كان أو غيره، إن كان قادرا عليه، فإن لم يكن قادرا فالعزم أن يؤديه إذا قدر في أعجل وقت وأسرعه، وإن كان أضر بواحد من المسلمين وذلك الواحد لا يشعر به، أو لا يدري من أين أتى، فإنه يزيل ذلك الضرر عنه، ثم يسأله أن يعفو عنه ويستغفر له، فإذا