للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال المازري - رحمه الله تعالى - في شرح التلقين: وإنما اقتصر في الوجوب على مرة واحدة، لأن الله سبحانه و تعالى قال) فاغسلوا وجوهكم (فأمر بالغسل مطلقا غير مقرون بعدد، والأمر المطلق يحمل على مرة واحدة إذا تجرد من القرائن عند جماعة من أهل الأصول، وقد أضاف هذه المقالة في هذا الأصل بعض أصحابنا لمالك - رضي الله تعالى عنه - لما احتج في الاقتصار على مرة واحدة بهذه الآية الكريمة، وأيضا فإنه عليه الصلاة والسلام توضأ مرة مرة وقال: " هذا وضوء لا يقبل الله سبحانه وتعالى الصلاة إلا به " وقد كره مالك - رحمه الله تعالى - مع هذا الاقتصار على مرة واحدة، وذلك لأنه قال: الوضوء مرتان مرتان، قيل له فواحدة واحدة؟ قال: لا، وهذا وإن كان ظاهره إيجاب المرتين فإن محمله على المبالغة منه في التشديد في أن لا يقتصر على الواجب، والتحضيض على أن يؤتى بالفضيلة، ولأن العامة لا تكاد تستوعب العضو في مرة واحدة، وقد صرح بهذا المعنى في رواية أخرى، فقال: لا أحب الواحدة إلا من عالم، وهذا تنبيه منه على أن العامة لا تكاد تستوعب بمرة واحدة، فاحتاط لهم، بأن أمرهم بالزيادة عليها، وأخرج العالم من ذلك لمعرفته بما يأتي ويذر من ذلك.

وظاهر الشيخ أبي محمد -رحمه الله تعالى -هنا آكدية التثليث في الوجه والرجلين، دون اليدين، حيث خير في اليدين، دون الوجه والرجلين، واستشكله ابن ناجي، وقال سيدي زروق -رحمه الله تعالى -في الكلام على تثليث الوجه: ولو اقتصر على ما دونه أجزأه كما سيأتي، إلا أن أمرها في هذا آكد، لغيبة هذا العضو عن العيان مع كثرة مغابنه، ولهذا لم يخير فيه الشيخ

وفي حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه ثلث في غسل الوجه وغسل يديه مرتين مرتين (١).


(١) متفق عليه.

<<  <   >  >>