قوله: وترك الأكل ليس بالحرام، أشار به إلى أن المشهور أن أكل المفطر مندوب، وليس بواجب، فالأمر بالأكل في الحديث الشريف عند مالك - رحمه الله تعالى - على الندب، وقد جاء في حديث آخر " إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن شاء طعم وإن شاء ترك "(١) وأما الدعوة إلى غير الوليمة فلا تجب إجابتها، قال ابن رشد - رحمه الله تعالى -: والدعوات إلى الأطعمة تنقسم على خمسة أقسام، منها ما يجب على المدعو إليها إجابة الداعي إليها، ولا يجوز التخلف عنها إلا لعذر، وهي دعوة الوليمة التي أمر رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - بها وحض عليها، وأمر بإجابة الداعي إليها، ومنها ما تستحب الإجابة إليها، وهي المأدبة التي يفعلها الرجل للخاص من إخوانه وجيرانه على حسن العشرة، وإرادة التودد والألفة، ومنها ما يجوز إجابة الداعي إليها، ولا حرج في التخلف عنها، وهي ما سوى دعوة وليمة العرس، من الدعوات التي تصنع على ما جرت به العادة، دون مقصد مذموم، كدعوة العقيقة، والنقيعة، والوكيرة، والخرس، والإعذار، وما أشبه ذلك، ومنها ما يكره إجابة الداعي إليها، وهو ما يقصد به منها قصدا مذموما، من تطاول، أو امتنان، وابتغاء محمدة وشكر، وما أشبه ذلك، لا سيما لأهل الفضل والهيئات، لأن إجابتهم إلى مثل هذه الأطعمة إضاعة للتعاون، وإخلاف للهيبة عند دناءة الناس، وسبب للإذلال، فقد قيل: ما وضع أحد يده في قصعة أحد إلا ذل له، ومنها ما تحرم الإجابة إليها، وهي ما يفعله الرجل لمن يحرم عليه قبول هبته، كأحد الخصمين للقاضي وبالله سبحانه وتعالى التوفيق.