دَعَانِي إِلَيْهِ، وَأَنِّي امْتَنَعْتُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةً لِحَقِّكَ، فَإِنْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَسْتُ بِرَّكَ أَرْجُو بِذَلِكَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ بِمَا أَنْوِي بِهِ عَلِيمٌ.
وَكَتَبْتَ إِلَيَّ أَنْ أَحُثَّ النَّاسَ عَلَيْكَ وَأَخْذُلَهُمْ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَا وَلَا سُرُورَ وَلَا حُبُورَ، بِفِيكَ الْكَثْكَثُ، وَلَكَ الْأَثْلَبُ، إِنَّكَ الْعَازِبُ إِنْ مَنَّتْكَ نَفْسُكَ، وَإِنَّكَ لَأَنْتَ الْمَفْقُودُ الْمَثْبُورُ.
وَكَتَبْتَ إِلَيَّ بِتَعْجِيلِ بِرِّي وَصِلَتِي، فَاحْبِسْ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ عَنِّي بِرَّكَ وَصِلَتَكَ، فَإِنِّي حَابِسٌ عَنْكَ وُدِّي وَنُصْرَتِي، وَلَعَمْرِي مَا تُعْطِينَا مِمَّا فِي يَدِكَ لَنَا إِلَّا الْقَلِيلَ وَتَحْبِسُ مِنْهُ الطَّوِيلَ الْعَرِيضَ، لَا أَبَا لَكَ، أَتُرَانِي أَنْسَى قَتْلَكَ حُسَيْنًا وَفِتْيَانَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَصَابِيحَ الدُّجَى وَنُجُومَ الْأَعْلَامِ، وَغَادَرَتْهُمْ خُيُولُكَ بِأَمْرِكَ فَأَصْبَحُوا مُصْرَعِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، مُزَمَّلِينَ بِالدِّمَاءِ، مَسْلُوبِينَ بِالْعَرَاءِ، لَا مُكَفَّنِينَ وَلَا مُوَسَّدِينَ، تُسَفِّيهُمُ الرِّيَاحُ، وَتَغْزُوهُمُ الذِّئَابُ، وَتَنْتَابُهُمْ عُرْجُ الضِّبَاعِ، حَتَّى أَتَاحَ اللَّهُ لَهُمْ قَوْمًا لَمْ يُشْرِكُوا فِي دِمَائِهِمْ فَكَفَّنُوهُمْ وَأَجْنَوْهُمْ، وَبِهِمْ وَاللَّهِ وَبِي مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ، فَجَلَسْتَ فِي مَجْلِسِكَ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ، وَمَهْمَا أَنْسَى مِنَ الْأَشْيَاءِ فَلَسْتُ أَنْسَى تَسْلِيطَكَ عَلَيْهِمُ الدَّعِيَّ ابْنَ الدَّعِيِّ الَّذِي كَانَ لِلْعَاهِرَةِ الْفَاجِرَةِ، الْبَعِيدَ رَحِمًا، اللَّئِيمَ أَبًا وَأُمًّا، الَّذِي اكْتَسَبَ أَبُوكَ فِي ادِّعَائِهِ لَهُ الْعَارَ وَالْمَأْثَمَ وَالْمَذَلَّةَ وَالْخِزْيَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» ". وَإِنَّ أَبَاكَ يَزْعُمُ أَنَّ الْوَلَدَ لِغَيْرِ الْفِرَاشِ وَلَا يَضِيرُ الْعَاهِرَ، وَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهُ كَمَا يَلْحَقُ وَلَدُ الْبَغِيِّ الرَّشِيدُ، وَلَقَدْ أَمَاتَ أَبُوكَ السُّنَّةَ جَهْلًا، وَأَحْيَا الْأَحْدَاثَ الْمُضِلَّةَ عَمْدًا. وَمَهْمَا أَنْسَ مِنَ الْأَشْيَاءِ فَلَسْتُ أَنْسَى تَسْيِيرَكَ حُسَيْنًا مِنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى حَرَمِ اللَّهِ، وَتَسْيِيرَكَ إِلَيْهِ الرِّجَالَ، وَادِّسَاسَكَ إِلَيْهِمْ أَنْ يُدْرِيَكُمْ، فَعَالَجُوهُ فَمَا زِلْتَ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ حَتَّى أَخْرَجْتَهُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضِ الْكُوفَةِ، تَزْأَرُ بِهِ إِلَيْهِ خَيْلُكَ وَجُنُودُكَ زَئِيرَ الْأَسَدِ، عَدَاوَةً مِنْكَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلَأَهْلِ بَيْتِهِ، ثُمَّ كَتَبْتَ إِلَى ابْنِ مَرْجَانَةَ يَسْتَقْبِلُهُ بِالْخَيْلِ وَالرِّجَالِ وَالْأَسِنَّةِ وَالسُّيُوفِ، ثُمَّ كَتَبْتَ إِلَيْهِ بِمُعَالَجَتِهِ وَتَرْكِ مُطَاوَلَتِهِ حَتَّى قَتَلْتَهُ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ فِتْيَانِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَهْلِ الْبَيْتِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرًا، نَحْنُ كَذَلِكَ لَا كَآبَائِكَ [الْأَجْلَافِ] الْجُفَاةِ أَكْبَادِ الْحَمِيرِ، وَلَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ كَانَ أَعَزَّ أَهْلِ الْبَطْحَاءِ بِالْبَطْحَاءِ قَدِيمًا وَأَعَزَّهُ بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute