رَأْسِي، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ مِنْ رَأْسِي حَاجَةً، فَخَرَجَتْ مِنْ فِيهِ نُطْفَةٌ بَارِدَةٌ فَوَقَعَتْ عَلَى ثُغْرَةِ نَحْرِي، فَاقْشَعَرَّ لَهَا جِلْدِي، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَسَجَّيْتُهُ ثَوْبًا، فَجَاءَ عُمَرُ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَاسْتَأْذَنَا، فَأَذِنْتُ لَهُمَا، وَجَذَبْتُ الْحِجَابَ، فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَيْهِ فَقَالَ: وَاغَشْيَاهُ! مَا أَشَدَّ غَشْيَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَامَ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْبَابِ قَالَ الْمُغِيرَةُ لِعُمَرَ: مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: كَذَبْتَ، بَلْ أَنْتَ رَجُلٌ تَحُوسُكَ فِتْنَةٌ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَمُوتُ حَتَّى يُفْنِيَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ، ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَرَفَعَ الْحِجَابَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، فَحَدَرَ فَاهُ وَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ ثُمَّ قَالَ: وَابُنَيَّاهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ حَدَرَ فَاهُ وَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ ثُمَّ قَالَ وَاصَفِّيَاهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، وَحَدَرَ فَاهُ وَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ، وَقَالَ: وَاخَلِيلَاهُ، مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَعُمَرُ يَخْطُبُ النَّاسَ وَيَتَكَلَّمُ وَيَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَمُوتُ حَتَّى يُفْنِيَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ. فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠] حَتَّى خَتَمَ الْآيَةَ {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: ١٤٤] الْآيَةَ. مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ. فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهَا لَفِي كِتَابِ اللَّهِ!!! مَا شَعَرْتُ أَنَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا أَبُو بَكْرٍ، وَهُوَ ذُو شَيْبَةِ الْمُسْلِمِينَ فَبَايِعُوهُ. فَبَايَعُوهُ».
قُلْتُ: فِي الصَّحِيحِ، وَغَيْرِهِ طَرَفٌ مِنْهُ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى بِنَحْوِهِ، وَزَادَ: «فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: كَيْفَ تَرَيْنَ؟ قُلْتُ: غُشِيَ عَلَيْهِ، فَدَنَا مِنْهُ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: يَا غَشْيَاهُ! مَا أَكُونُ هَذَا الْغَشْيَ! ثُمَّ كَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ فَعَرَفَ الْمَوْتَ، فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، ثُمَّ بَكَى فَقُلْتُ: فِي سَبِيلِ اللَّهِ انْقِطَاعُ الْوَحْيِ، وَدُخُولُ جِبْرِيلَ بَيْتِي، وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صُدْغَيْهِ، وَوَضَعَ فَاهُ عَلَى جَبْهَتِهِ، فَبَكَى حَتَّى سَالَتْ دُمُوعُهُ عَلَى وَجْهِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ غَطَّى وَجْهَهُ، وَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ، وَهُوَ يَبْكِي، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، هَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ عَهْدٌ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالُوا: لَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: يَا عُمَرُ، أَعْنَدَكَ عَهْدٌ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: لَا. قَالَ: وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لَقَدْ ذَاقَ طَعْمَ الْمَوْتِ وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute