للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَامْلَئِيهَا مَاءً فَاذْهَبِي بِهَا إِلَى الْمَنَاصِعِ، وَكَانَتْ هِيَ وَابْنُهَا مِسْطَحٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ أَبِي بَكْرٍ قَرَابَةٌ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِمَا، فَكَانَا يَكُونَانِ عِنْدَهُ وَمَعَ أَهْلِهِ.

فَأَخَذَتِ الْإِدَاوَةَ وَخَرَجَتْ نَحْوَ الْمَنَاصِعِ، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ: بِئْسَ مَا قُلْتِ. قَالَتْ: ثُمَّ مَشَيْنَا فَعَثَرَتْ أَيْضًا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ لِصَاحِبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبِ بَدْرٍ، فَقَالَتْ: إِنَّكَ لَغَافِلَةٌ عَمَّا فِيهِ النَّاسُ مِنْ أَمْرِكِ، فَقُلْتُ: أَجَلْ، فَمَا ذَاكَ؟ فَقَالَتْ: إِنَّ مِسْطَحًا وَفُلَانًا وَفُلَانَةَ فِيمَنِ اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ؛ يَجْتَمِعُونَ فِي بَيْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ أَخِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ يَتَحَدَّثُونَ عَنْكِ وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطَّلِ ; يَرْمُونَكِ بِهِ.

قَالَتْ: فَذَهَبَ عَنِّي مَا كُنْتُ أَجِدُ مِنَ الْغَائِطِ، فَرَجَعْتُ عُودِي عَلَى يَدَيَّ [إِلَى بَيْتِي].

فَلَمَّا أَصْبَحْنَا مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، بَعَثَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَأَخْبَرَهُمَا بِمَا قِيلَ فِيَّ، وَاسْتَشَارَهُمَا فِي أَمْرِي، فَقَالَ أُسَامَةُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَى أَهْلِكَ سُوءًا، وَقَالَ عَلِيٌّ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَكْثَرَ النِّسَاءَ، وَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ الْخَبَرَ فَتَوَعَّدِ الْجَارِيَةَ - يَعْنِي بَرِيرَةَ - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَلَّ: " فَشَأْنُكَ بِالْخَادِمِ ". فَسَأَلَهَا عَلِيٌّ عَنِّي، فَلَمْ تُخْبِرْهُ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ - إِلَّا بِخَيْرٍ؛ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى عَائِشَةَ سُوءًا، إِلَّا أَنَّهَا جُوَيْرِيَّةٌ تُصْبِحُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَدْخُلُ الشَّاةُ الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُ مِنَ الْعَجِينِ.

قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ سَمِعَ مَا قَالَتْ - بَرِيرَةُ لِعَلِيٍّ إِلَى النَّاسِ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ قَالَ: " يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، مَنْ لِي مِنْ رَجُلٍ يُؤْذُونَنِي فِي أَهْلِي؟ فَمَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي سُوءًا، وَيَرْمُونَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِي، مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ سُوءًا، وَلَا خَرَجْتُ مَخْرَجًا إِلَّا خَرَجَ مَعِيَ فِيهِ ".

قَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَشْهَلِيُّ مِنَ الْأَوْسِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْأَوْسِ كَفَيْنَاكَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فِيهِ بِأَمْرِكَ. وَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الْخَزْرَجَيُّ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: كَذَبْتَ، وَاللَّهِ وَهَذَا الْبَاطِلُ. فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الْأَشْهَلِيُّ، وَرِجَالٌ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، فَاسْتَبُّوا وَتَنَازَعُوا حَتَّى كَادَ أَنْ يَعْظُمَ الْأَمْرُ بَيْنَهُمْ. فَدَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْتِي، وَبَعَثَ إِلَى أَبَوَيَّ فَأَتَيَاهُ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: " يَا عَائِشَةُ، إِنَّمَا أَنْتِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، فَإِنْ كُنْتِ أَخْطَأْتِ فَتُوبِي إِلَى اللَّهِ وَاسْتَغْفِرِيهِ ". فَقُلْتُ لِأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>