للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَفْوَةً وَلَمْ أَدِرْ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ [هِيَ]، حَتَّى حَدَّثَتْنِي أُمُّ مِسْطَحٍ، فَعَلِمْتُ أَنَّ جَفْوَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَا أَخْبَرَتْنِي أُمُّ مِسْطَحٍ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَذْهَبَ إِلَى أَهْلِي؟ قَالَ: " اذْهَبِي ". فَخَرَجَتْ عَائِشَةُ حَتَّى أَتَتْ أَبَاهَا أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: مَا لَكِ؟ قَالَتْ: أَخْرَجَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَيْتِهِ. قَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجَكِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُؤْوِيكِ أَنَا؟ وَاللَّهِ لَا أُؤْوِيكِ حَتَّى يَأْمُرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُؤْوِيَهَا. قَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ مَا قِيلَ لَنَا هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَطُّ، فَكَيْفَ وَقَدْ أَعَزَّنَا الْإِسْلَامُ؟ فَبَكَتْ عَائِشَةُ وَأُمُّهَا أُمُّ رُومَانَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبَكَى مَعَهُمْ أَهْلُ الدَّارِ.

وَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ يَعْذُرُنِي مِمَّنْ يُؤْذِينِي؟ ". فَقَامَ إِلَيْهِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَسَلَّ سَيْفَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أُعِيذُكَ مِنْهُ، إِنْ يَكُنْ مِنَ الْأَوْسِ أَتَيْتُكَ بِرَأْسِهِ، وَإِنْ يَكُنْ مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا بِأَمْرِكَ فِيهِ. فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، إِنَّمَا طَلَبْتَنَا بِذُحُولٍ كَانَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ هَذَا: يَا لِلْأَوْسِ، وَقَالَ هَذَا: يَا لِلْخَزْرَجِ. فَاضْطَرَبُوا بِالنِّعَالِ وَالْحِجَارَةِ، وَتَلَاطَمُوا، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، فَقَالَ: فَفِيمَ الْكَلَامُ؟ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُنَا بِأَمْرِهِ، فَنَفَذَ عَنْ رَغْمِ أَنْفِ مَنْ رَغِمَ، وَنَزَلَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَصَعِدَ إِلَيْهِ أَبُو عُبَيْدَةَ فَاحْتَضَنَهُ. فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ أَوْمَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ جَمِيعًا، ثُمَّ تَلَا عَلَيْهِمْ مَا نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَنَزَلَ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [الحجرات: ٩]. إِلَى آخِرِ الْآيَاتِ، فَصَاحَ النَّاسُ: رَضِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَامَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَتَلَازَمُوا وَتَصَالَحُوُا.

وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْمِنْبَرِ، وَانْتَظَرَ الْوَحْيَ فِي عَائِشَةَ، فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ، وَأُسَامَةَ، وَبَرِيرَةَ، وَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَشِيرَ فِي أَهْلِهِ لَمْ [يَعُدْ] عَلِيًّا وَأُسَامَةَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ زِيدٍ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ: " مَا تَقُولُ فِي عَائِشَةَ فَقَدْ أَهَمَّنِي مَا قَالَ النَّاسُ فِيهَا؟ ". فَقَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ نَالَ النَّاسُ، وَقَدْ أُحِلَّ لَكَ طَلَاقُهَا. وَقَالَ لِأُسَامَةَ: " مَا تَقُولُ أَنْتَ بِهَا؟ ". قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا يَحِلُّ لَنَا أَنَّ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا، سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ، فَقَالَ لِبَرِيرَةَ: " مَا تَقُولِينَ يَا بَرِيرَةُ؟ ". قَالَتْ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>