للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَوْلهمْ: لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق خطأ، لِأَن قَائِل هَذَا يُرِيد أَن يتدرج إِلَى أَن يَقُول الْقُرْآن مَخْلُوق، وَهُوَ لَا يَجْسُر أَن يَفْعَله ظَاهرا، فيقوله بَاطِنا.

فَإِن قيل: المُرَاد بقوله لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق: إخراجي الْقُرْآن من فمي مَخْلُوق. يُقَال: هَذَا مجَاز وَلَيْسَ بِحَقِيقَة، وَحَقِيقَة اللَّفْظ كَلَام الله لَهُ معنى مَفْهُوم، وَمَتى أمكن أَن يحمل الشَّيْء عَلَى حَقِيقَته، لم يجز أَن يحمل عَلَى الْمجَاز، لِأَن الْحَقِيقَة أصل صَحِيح، وَالْمجَاز لَا أصل لَهُ.

وَلِأَن اسْتِعْمَال الْمُتَكَلّم فَمه وَلسَانه لإِخْرَاج اللَّفْظ لَا يخرج من الْفَم حَتَّى يكون لفظا، وَإِنَّمَا ذَلِك عمل يعمله الْمُتَكَلّم دَاخل الْفَم من غير أَن يُخرجهُ من الْفَم فَلَا يكون لفظا بِوَجْه.

فَإِن قيل: المُرَاد بقوله لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق، أَي قراءتي الْقُرْآن مخلوقة وَالْقِرَاءَة غير الْقُرْآن.

يُقَال: الْقِرَاءَة، وَالْقُرْآن وَاحِد، يُقَال: قَرَأت الشَّيْء قِرَاءَة وقرآنا قَالَ الشَّاعِر:

(ضحوا بأشمط عنوان السُّجُود بِهِ ... يقطع اللَّيْل تسبيحا وقرآنا)

<<  <  ج: ص:  >  >>