وأصل الْعقل فِي اللُّغَة الْحَبْس، وَالْحَيَوَان قد يحبس نَفسه عَمَّا يضرّهُ وَذَلِكَ إلهام يَدعُوهُ إِلَى مَا يَنْفَعهُ حَتَّى لَا يقرب مِمَّا فِيهِ ضَرَره وهلاكه، بل ينفر مِنْهُ وَلَا يَأْكُل مِمَّا يضر بِهِ، أَو يكون سما من النَّبَات وَغَيره.
ثمَّ يكْتَسب الصَّبِي زِيَادَة فِي الْعقل عَلَى مُرُور الْأَيَّام إِلَى أَن يبلغ أَرْبَعِينَ سنة، فَحِينَئِذٍ يكمل عقله قَالَ الله تَعَالَى: {حَتَّى إِذا بلغ أشده وَبلغ أَرْبَعِينَ سنة} أَي بلغ كَمَال الْعقل، وَبلغ أَرْبَعِينَ سنة ثمَّ بعد ذَلِكَ يَأْخُذ عقله فِي النُّقْصَان إِلَى أَن يخرف وَتلك زِيَادَة عقل اكتسابي، فَأَما الْعلم يكون كل يَوْم فِي زِيَادَة، ومنتهى تعلم الْعلم يَنْتَهِي الْعُمر، فالإنسان لَا يصير مستغنيا عَن زِيَادَة الْعلم مَا دَامَ بِهِ رَمق وَقد يَسْتَغْنِي عَن زِيَادَة الْعقل إِذا بلغ منتهاه، وَهَذَا يدل عَلَى أَن الْعقل أَضْعَف من الْعلم، وَأَن الدّين لَا يدْرك بِهِ لضَعْفه وقلته، وَيدْرك بِالْعلمِ لقُوته وكثرته، وَيدل عَلَى ذَلِكَ أَن الْعَاقِل إِذا جن ذهب عَنهُ الْعقل الاكتسابي وَلم يتعهد إِلَى أَمر الْآخِرَة، وَمَا يتَعَلَّق بِالدّينِ وَبَقِي مَعَه الْعقل الغريزي يفعل مَا يَفْعَله الصَّبِي، وعقل نَفسه عَمَّا يعقله، وَلم يذهب عَنهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute