للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَى هِيتَ (٩٢) وَالأَنْبَارِ (٩٣) فَاسْتَنْفَرَ عَلِيٌّ النَّاسَ فَأبْطَئُوا وتَثَاقَلُوا فَخَطَبَهُم، فَقَالَ: أيُّها النَّاسُ المجْتَمِعَةُ أبْدَانُهُمْ، المتَفَرِّقَةُ أَهْوَاؤُهُمْ، مَا عَزَّتْ دَعْوَةُ مَنْ دَعَاكُمْ، وَلَا اسْتَرَاحَ قَلْبُ مَنْ قَاسَاكُمْ، كَلَامُكُمْ يُوهِي الصُّمَّ الصِّلَاب، وَفِعْلُكُمْ يُطْمعُ فِيكُمْ عَدُوَّكُمْ، فَإذَا دَعَوْتُكُمْ إِلَى المسِيرِ أَبْطَأتُمْ وَتَثَاقَلْتُمْ وَقُلْتُمْ: كَيْتَ وكَيْتَ، أَعَالِيلَ أَبَاطِيلَ، سَأَلتُمُونِي التَّأْخِير دِفَاعَ ذِي الدَّيْنِ المُطَوِّلِ حِيدِي حَيَادِ لَا يَمْنَعُ الضَّيْمَ الذَّلِيلُ، ولا يُدْرَكُ الحَقُّ إِلَّا بِالجِدِّ وَالصِّدْقِ، فَأَيُّ دَارٍ بَعْدَ دَارِكُمْ تَمْنَعُونَ؟ وَمَعَ أَيَّ إِمَامٍ بَعْدِي تُقَاتِلُونَ؟ المغْرُورُ وَاللَّهِ مَنْ غَرَرْتُمُوهُ، وَمَنْ قَارَبَكُمْ فَازَ بِالسَّهْمِ الأَخْيَبِ، أَصْبحْتُمْ وَاللَّهِ لَا أُصَدِّقُ قَوْلَكُمْ، وَلَا أَطْمَعُ فِي نَصْرِكُمْ، فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، وأَعْقَبَنِي بِكُمْ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْكُمْ، وَأَعْقَبَكُمْ مِنِّي مَنْ هُوَ شَرٌّ لَكُمْ مِنِّي، أَمَا إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي ثَلَاثًا: ذُلًّا شَامِلًا، وَسَيْفًا قَاطِعًا، وَأَثَرَةً قَبِيحَةً يَتَّخِذُهَا فِيكُمُ الظَّالِمُونَ سُنَّةً، فَتَبْكِي لِذَلِكَ أَعْيُنُكُمْ، وَيَدْخُلُ الفَقْرُ بُيُوتَكُمْ، وَسَتَذْكُرُونَ عنْدَ تِلْكَ الموَاطِن، فَتَودُّونَ أَنَّكُمْ رَأَيتُمُونِي وَهَرَقْتُمْ دِمَاءَكُمْ دُونِي، وَلَا يُبْعِدُ اللَّهُ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ، وَاللَّهِ لَوَدَدتُّ أَنِي أَقْدِرُ أَنْ أَصْرِفَكُمْ صَرْفَ الدِّينَارِ بِالدَّرَاهِمِ؛ عَشَرَةٌ مِنْكُمْ بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المؤمِنِينَ، إِنَّا وَإِيَّاكَ كَمَا قَالَ الأَعْشَى:

عُلِّقْتُهَا عَرَضًا، وَعُلِّقَتْ رَجُلًا ... غَيرِي، وَعُلِّقَ أُخرَى غَيرَهَا الرّجُلُ


(٩٢) هِيت: بكسر الهاء، هي بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار، ذات نخل كثير وخيرات واسعة، وهي مجاورة للبرية. انظر "معجم البلدان" (٥/ ٤٨٢ - ٤٨٣).
(٩٣) الأنبار: بفتح أوله مدينة قرب بلخ، وهي قصبة ناحية جوزجان، وبها كان مقام السلطان، وهي على الجبل، وهي أكبر من مَرو الروذ وبالقرب منها، ولها مياه وكروم وبساتين كثيرة، والأنبار أيضًا: مدينة على الفرات في غربي بغداد بينهما عشرة فراسخ وكانت الفرس تسميها فيروز سابور. انظر "معجم البلدان" (١/ ٣٠٥).

<<  <   >  >>