للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شيماً وأطعمهم طعماً وأوفاهم ذمماً وأبعدهم همماً هم الجمرة في الحرب والرفد في الجدب والرأس في الخطب وغيرهم بمنزلة العجب. فقال لقد وصفت أبا صفوان فأحسنت فزاد أخواله في الفخر فغضب أبو العباس لأعمامه فقال أفخر يا خالد فقال أعلى أخوال أمير المؤمنين فقال نعم وأنت من أعمامه فقال وكيف أفاخر أقواماً هم من بين ناسج برد وسائس قرد ودابغ جلد دل عليهم الهدهد وغرقتهم الفأرة وملكتهم امرأة. فأشرق وجه أبي العباس وجعل يضحك. قال وحدثني ابن المزرع قال سمعت عمرو بن بحر الجاحظ وقد ذكر كلام خالد هذا يقول والله لو نفكر في جمع معايبهم واختصار اللفظ في مثاليهم بعد ذلك المدح المهذب سنة لكان قليلاً فكيف على بديهٍ لم يرض فكراً. وأجود ما قيل في كراهة المزاح قولهم إن المزاح هو السباب الأصغر، وقيل المزاح سباب النوكى. وأجود ما قيل في تخوف عاقبته قول أبي نواس:

(إنه نار وقدحُ القادحِ وأيّ جدٍ بلغ المازحُ)

ومثله:

(صارَ جداً ما فرحت به ... ربَ جدٍ جرهُ لعبُ)

وقلت:

(عضبت للمزح ولم تنظر في موقعهِ ... المزح في موضعهِ كالجدِّ في موضعهِ)

أجود ما قيل في التضافر والتعاون قول قيس بن عاصم المنقري يوصي ولده وقومه وجدت في كتاب غير مسموع لما حضر عبد الملك بن مروان الوفاة وعاينته وقال يا بني أوصيكم بتقوى الله وليعطف الكبير منكم على الصغير ولا يجهل الصغير حق الكبير وأكرموا مسلمة بن عبد الملك فإنه نابكم الذي عنه تعبرون ومجنكم الذي به تستجيرون ولا تقطعوا من دونه رأياً ولا تعصوا له أمراً، وأكرموا الحجاج بن يوسف فإنه الذي وطأ لكم المغابر وذلل لكم قارب العرب وعليكم بالتعاون والتضافر وإياكم والتقاطع والتدابر. فقال قبس بن عاصم لبنيه:

(بصلاح ذاتِ البينِ طولُ بقائكم ... إن مُد في عمري وإن لم يُمددِ)

(حتى تلين جلدوكم وقلوبكم ... لمسوَّد منكم وغير مسوَّد)

<<  <  ج: ص:  >  >>