(إذا أمرتني العاذلاتُ بهجرِها ... هفتْ كبدٌ مما يقلنَ صديعُ)
(وكيفَ أطيعُ العاذلاتِ ووجهُها ... يؤرِّقني والعاذلاتُ هجوعُ)
ومن جيد ما قيل في رياضة النفس على الهجر ما أنشده أبو إسحاق الموصلي:
(وإني لأستحيي كثيراً وأتقي ... عيوباً وأستبقي المودةَ بالهجرِ)
(وأنذرُ بالهجرانِ نفسي أروضُها ... لأعلمَ عندَ الهجرِ هل لي من صبرِ)
وقال غلام من فزارة:
(وأعرض حتى يحسب الناسُ أنما ... هي الهجرُ لا والله ما بي لك الهجرُ)
(ولكن أروضُ النفسَ أنظر هل لها ... إذا فارقتْ يوماً أحبتها صبرُ)
وزاد العباس بن الأحنف فقال:
(أروضُ على الهجرانِ نفسي لعلها ... تمسك لي أسبابها حينَ تهجرُ)
والزيادة في قوله:
(وأعلمُ أنَ النفسَ تكذبُ وعدَها ... إذا صدقَ الهجران يوماً وتغذر)
(وما عَرَضَتْ لي نظرةٌ مذ عرفتُها ... فأنظر إلا مثلتْ حين أنظر)
وهذا من قول جميل:
(أريدُ لأنسى ذكرَها فكأنها ... تمثلُ لي ليلى بكلَ سبيلِ)
وذكر بعضهم أنه يهجرها مخافة العين تصيب وصلها: أنشدناه أبو أحمد عن الصولي عن أحمد بن يحيى، وأحمد بن سعيد الدمشقي عن الزبير:
(خشيتُ عليها العينَ من طولِ وصلِها ... فهاجرتُها يومين خوفاً من الهجرِ)
(وما كانَ هجراني لها من ملالةٍ ... ولكنني جرَّبتُ نفسي على الصبرِ)
ومن فصيح الشعر الداخل في هذا الباب قول إبراهيم بن العباس أنشدناه أبو أحمد عن الصولي عن ثعلب وأبي ذكوان قالا أنشدنا إبراهيم بن العباس لنفسه:
(يمرُ الصبا صفحاً بساكن ذي الغضا ... فيصدعُ قلبي أن يهبَ هبوبُها)
(قريبةُ عهدِ بالحبيب وإنما ... هوى كلَ نفس أين حلَ حبيبها)