(خلق النديم إذا صفا ... أغناك عن صفو المدامِ)
وفاخر كاتب نديماً فقال: أنا معونة وأنت مؤونة وأنا للجد وأنت للهزل وأنا للشدة وأنت للرخاء وأنا للحروب وأنت للسلم فقال النديم: أنا للنعمة وأنت للخدمة وأنا للخظوة وأنت للمهنة تقوم وأنا جالس وتحتشم وأنا مؤانس تدأب لمرضاتي وتمسي لما فيه سعادتي فأنا شريك وأنت معين كما إنك تابع وأنا قرين فغلبه وقلت:
(ما أعافُ النبيذَ خفية إثم ... إنما عفتهُ لفقدِ النديمِ)
(ليس في اللهو والمدامةِ حظٌ ... لكريمٍ دونَ النديمِ الكريمِ)
(فتخبر قبلَ النبيذِ نديماً ... ذا خلالٍ معطراتِ النسيم)
(وجمالٍ إذا نظرتَ بديع ... وضميرٍ إذا اختبرتَ سليم)
وأحسن ما قيل في احمرار لون الشارب من الشعر القديم قول الأعشى:
(وسبيئةٍ مما تعتقُ بابلُ ... كدمِ الذَّبيحِ سلبتها جريالها)
الجريال: اللون. وقال بعض المحدثين:
(نفضت على الأجسام حمرةَ لونها ... وسرتْ بلذَّتها إلى الأرواحِ)
وأخذ الناجم قول الأعشى
(سلبتها جريالها)
فقال:
(فخذها مشعشعةَ قهوة ... تصبُ على الليلِ ثوبَ النهارِ)
(ويسلُبها الخدُ جريالَها ... فتهديه للعينِ يومَ الخمارِ)
إلا أن هذا فيه زيادة وهو قوله
(فتهدية للعين يوم الخمار)
وهو في صفة حمرة العين من الخمار جيد إلا أن قوله (مشعشة قهوة) ردئ ووجه نظم اللفظ أن يقال قهوة مشعشعة، ألا ترى أنك تقول خمر ممزوجة ولا تقول ممزوجة خمر، وإن كان جائزاً فليسم كل جائز حسن فاعلم ذلك. وقلت:
(شقائقٌ كناظرِ المخمور ... وأقحوانٌ كثغور الحورِ)
(ونرجسٌ كأنجم الديجور ... )