(وحتى حسبت البابليين القنا؟ ... على لفظها السحر الذي فيه تنفثه)
وأجود ما قيل في اتفاق الضرب والزمر قول هارون بن على المنجم:
(غصن على دعصِ نقا منهالِ ... سعى بكأسٍ مثل لمعِ الآلِ)
(وفاتناتِ الطرفِ والدلالِ ... هيف الخصورِ رجح الأكفال)
(يأخذنَ من طرانف الأرمال ... ومحكمِ الخفافِ والنعال)
(يجري مع الناسِ بلا انفصال ... مثل اختلاط الخمرِ بالزّلال)
(يدعو إلى الصّبوةِ كلّ سال ... يصرعُ كلَ فاتكٍ بطّال)
(ومن حرام اللهو والحلالِ ... أكرم من مصارعِ الأبطال)
وقال كشاجم في وصف العود والقينة وأحسن:
(تميسُ من الوشي في حُلةٍ ... تجررُ من فضل أذيالِها)
(وتحملُ عوداً فصيحَ الجواب ... يضاهى اللحونَ بأشكالها)
(لهُ عنقٌ مثل ساقِ الفتاة ... ودستانةٌ مثل خلخالها)
(فظلتْ تطارحُ أوتارهُ ... بأهزاجها وبأرمالها)
(وتعملُ جساً كجسَ العروق ... وتلوى الملاوي بأمثالها)
وقيل لرجل أي المغنين أحذق؟ قال ابن سريج كأنه خلق من كل قلب فهو يغني لكل إنسان بما يشتيه. وأخبرنا أبو القاسم عن العقدي عن أبي جعفر عن المدائني قال قال المغيرة للوليد بن يزيد بن عبد الملك إني خارج إلى العراق فاستهد ما أحببت فقال إهد لي بربطا من عمل زلزل فأهدي إليه عوداً وكتب إليه: قد بعثت به أرسح البطن أحدب الظهر صافي الوتر رقيق الجلد وثيق الملاوي كهيئة طاليه وملاحة محتضنه وحسن الضارب به وطرب المستمع له. ومن أحسن ما قيل في حسن الضارب ما تقدم ذكره وهو قول الناشئ
(وكأن يمناها إذا ضربت بها ... )
وقال ابن الحاجب:
(إذا هي جستهُ حكتْ متطبباً ... يجيلُ يديه في مجسِّ عروقِ)