للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(فكنتُ كأنني أعمى معنى ... بحبّ الغانياتِ ولا يراها)

وكان ينبغي أن يقول

(فداها حاسدها)

وليس لقوله

(فلا يسطيع حاسدها)

معنى مختار. وأول من أتى بهذا المعنى حميد بن ثور في قوله:

(عجبتُ لها أنى يكون غناؤها ... فصيحاً ولم تفغر بنمطقها فما)

(ولم أرَ محقوراً لها مثل صوتها ... أحس وأشجى للحزين وأكلما)

(ولم أرَ مثلي شاقه صوتُ مثلها ... ولا عربياً شاقَه صوتُ أعجما)

ومن أحسن أوصاف العود إذا احتضن تشبيههم إياه بالولد في حجر أمه وتشبيه إصلاحه بعرك أذنه فمن أحسن ما قيل في ذلك وأجمعه قول بعضهم:

(فكأنه في حجرها ولدٌ لها ... ضمتهُ بينَ ترائبٍ ولبان)

(طوراً تدغدغ بطنه فإذا هفا ... عركتْ له أذناً من الآذان)

ومثله قول الناجم:

(إذا احتضنتْ عابثٌ عودَها ... وناغتهُ أحسنَ أن يعربا)

(تدغدغُ في مهلٍ بطنهُ ... فتسمعنا مضحكاً معجبا)

وذكر الضحك مع الدغدغة جيد. ونظم كشاجم قول الحكماء إن العود مركب على الطبائع الأربع فقال:

(شدتْ فجلتْ أسماعنا بمخفّف ... يحدِّثها عن سرِّها وتحدثه)

(مشاكلة أوتارهُ في طباعها ... عناصر منها أحدثَ الخلقَ محدثه)

(فاللنار منه الزيرُ والأرض بمُّه ... وللريح متناهُ وللماءِ مثلثه)

(وكلُ امرئ يرتاحُ منهُ لنغمةٍ ... على حسبِ الطبع الذي منهُ يبعثه)

(شكا ضربَ يمناها فظلتْ يسارها ... تطوقهُ طوراً وطوراً ترعِّثه)

(فما برحَتْ حتى أرتنا مخارقا ... يجاذبهُ في أسحن النقر عثعثة)

<<  <  ج: ص:  >  >>