بعد في ديوان السري:
(وقد نشأتْ بينَ الكؤس غمامةٌ ... من الندَ إلا أنها ليسَ تهطلُ)
(وعلَ بماء الوردِ خيش كأنهُ ... على جلدهِ ثوبُ العروس المصندلُ)
وقلت:
(ظبيٌ يروقُ الناظرينَ بأبيضٍ ... وبأسودٍ وبأخضرٍ وبأشكل)
(ومقوم مثل القضيبِ مهفهف ... ومعوج كالصولجانِ سيل)
(ومفرَّج من خدِّه ومكفر ... ومخلق من شعره ومسلسل)
(وبياض وجه بالصباح مقنع ... وسواد فرع بالظلام مكلل)
(علقتْ أباريقُ المدام بكفه ... كالبدرِ يعلق بالسماك الأعزل)
(وعلا دخانُ الندَ أبيض ساطعاً ... مثل الغمامةِ غير أن لم يهمل)
(فكأنما الكاساتُ في حافاته ... شقرُ الخيولِ تجولُ تحت القسطلِ)
(ومن أبدع ما قيل في ذلة الغناء قول الناجم:
(شدو ألذ من ابتداء ... العينِ في إغفائها)
(أحلى وأشهى من مُنى ... نفسٍ وصدقِ رجائِها)
وأجود ما قيل في الاصغاء إلى الغناء والسكوت له قول الآخر:
(وأصغوا نحوها اللآذان حتى ... كأنهم وناموا نيامُ)
ومن عجيب المعاني في الغناء قول أبي تمام:
(حمدتكَ ليلة شرفُتْ وطابتْ ... أقام سهادُها ومضى كراها)
(سمعتُ بها غناءُ كان أولى ... بأن يقتادَ نفسي من عناها)
(ومسمعةً تفوت السمع حسناً ... ولم تصممهُ لايصمم صداها)
(مرت أوتارها فشقت وشاقت ... ولو يستطيعُ حاسدها فداها)
(ولم أفهم معانيها ولكنْ ... ورتْ كبدي فلم أجهل شجاها)