(وكأس شربتُ على لذَّة ... وأخرى تداويتُ منها بها)
كل من أخذ هذا المعنى منه قصر في العبارة عنه ولا يجوز أن يؤتى بمثله، قال أبو نواس
(وداوني بالتي كانت هي الداء ... )
فحشا الكلام بمالا وجه له وهو قوله كانت هي الداء، وقال المجنون
(كما يتدواى شارب الخمر بالخمر ... )
ولا يقع هذا مع قول الأعشى موقعاً، ومثله قول البحتري:
(تدوايتُ من ليلى بليلى فما اشتفى ... من الداءِ من قد باتَ بالداءِ يشتفي)
ومن جيد ما قيل في الدنان والزقاق قول الأخطل
(أناخوا فجروا شاصيات ... )
وقد مر. وقد أحسن ابن المعتز في صفة الدنان:
(ودنانٍ كمثلِ صفَ رجالٍ ... قد أقيموا ليرقصوا دستبندا)
وقال العلوي الأصفهاني في الزق:
(عجبتُ من حبشيّ لا حَراكَ به ... لا يدركُ الثأرَ إلا وهو مذبوحُ)
(طوراً يرى وهو بين الشرب مضطجعٌ ... رغو الزقاقٍ وطوراً وهو مشبوحُ)
وفي ألفاظ العلوي زيادة على معناه في أكثر شعره، وأخذ البيت الأول من قول بشار يصف ركب المرأة:
(وصاحب مطرق في طولِ صحبتهِ ... لا ينفعُ الدَهرَ إلا وهو محمومُ)
وإن كان المعنيان مختلفين إلا أن حذوا الكلامين حذوا واحد. وقال ابن المعتز:
(إن غدا ملآن أمسى فارغاً ... كأسير الَرقَ أدى فعتق)
وقال القطامي:
(استودعتها رواقيداً مقيرةً ... دكن الظواهر قد برنسن بالطينِ)
(مكافحات لحرَ الشمس قائمة ... كأنهنَ نبيطٌ في تبابين)
وقال آخر:
(تحسبُ الزقَ إذا أسندته ... حبشياً قطعتْ منهُ الشوى)
وقال العلوي الأصفهاني يصف شراباً في ظرف خزف:
(مخدرةٌ مكنونةُ قد تكشفتْ ... كراهبةٍ بينَ الحسانِ الأوانسِ)