(كأنَ شميطَ الصبح في أخرياتها ... مُلاءٌ ينقي من طيالسةٍ خُضرِ)
(تخال بقاياها التي أسأر الدُجى ... تمدَ وشيعاً فوق أردية الفجرِ)
فقام الشيخ كالمجنون مصلتاً سيفه حتى خالط البرك فجعل يضرب يميناً وشمالاً وهو يقول:
(لا تَفرغنْ في أذنيَّ بعدها ... ما يستفزُ فأريك فقدها)
(إني إذا السيفُ تولى ندَّها ... لا أستطيعُ بعد ذاك ردَّها ... ) قال أبو هلال رحمه الله تعالى وهذا دليل على أن علم الشعر والتمييز بين جيده ورديئه كان غريزاً عند أهل البوادي وهم أصوله ومنبعه ومعدنه، وكان فعل هذا الشيخ واستفزاز جيد الشعر له قربياً مما روي عن محمد الأمين أنه قال إني لأطرب على حسن الشعر كما أطرب على حسن الغناء. ومن غريب ما قيل في الصبح من الشعر القديم قول ذي الرمة، وقد أجمع الناس على أنه أحسن العرب تشبيهاً:
(وقد لاحَ للساري الذي كمل السُّرى ... على أخرياتِ الليلِ فتقٌ مُشهرُ)