ومن غريب ما قيل في تقدم الناقة صواحبها في السير قول بعض العرب:
(جاءَ وقد ملَ ثواءِ البحرينْ ... يَنْسلُّ مِنهنَّ إذا تدانينْ)
(مثلَ انسلال الماءِ من جفنِ العينْ ... )
وأبلغ ما قيل في غزر الناقة قول أبي حية:
(تدرُ للعصفورِ لو مراها ... يَملأُ مسكَ الفيلِ لو أتاها)
ومن جيد ما وصف به سعة الاخلاف قول ابن لجإ:
(كأنّما نصّتْ إلى ضرّاتها ... من نخرِ الطلح مجوفاتها)
وقال مسلم بن الوليد في غير هذا المعنى:
(أتتك المطايا تهتدِي بمطيّةٍ ... عليها فتى كالنصلِ يؤنسه النصلُ)
وقال أبو نواس:
(أيا حبذا عَيشُ الوجادِ وضجعةً ... إلى دُفّ مِقلاقِ الوضينِ سَعومِ)
(ترامى بها الايجافُ حتى كأنها ... تحيّفُ من أقطارِها بقَدومِ)
وأخبرنا أبو أحمد عن أبي بكر عن أبي حاتم عن الأصمعي عن أبي عمرو قال سمعت جندل بن الراعي ينشد بلال بن أبي بردة:
(نعوسٌ إذا درّت جرورٌ إذا غدت ... بُويزل عام أو سديسٌ كبازلِ)
قال فكاد صدري ينفرج من جودتها حتى كتبتها. ودرةُ الإبل مع النعاس والغنم تدر مع الاحتراس فمن أجود ما قيل في ذلك قول جبيها الأشجعي:
(رقودٌ لو أنَّ الدُّفَّ يُضرَبُ تحتها ... لتنحاشَ من قاذورة لم تناكر)
أي من قاذورة فيها يقال رجل قاذورة إذا كان يتجنب النساء ويتقي مجامعتهن. ومن الوصف الحسن قول القطامي في نوق:
(جفارٌ إذا صافتْ هضابٌ إذا شتت ... وفي الصيفِ يرددنَ المياه إلى العشرِ)
يشبهها بالآبار من كثرة ألبانها في أيام الربيع والقيظ وهي في الشتاء كالهضاب