وهذا من قولهم إن الحية إذا هرمت لم تحتج إلى الطعم واكتفت بالنسيم)
وقال أعرابي:
(وحنشٍ كحلقةِ السوارِ ... غايتهُ شبرٌ من الأشبارِ)
(كأنهُ قضيبُ ماءٍ جاري ... يفترُ عن مثل تلظّي النار)
وقال آخر:
(يرقونه فكأنما ... يعنى برُقْيتهِ سواه)
وقال أبو العباس ثعلبُ يقالُ إنه لم يسمع في صفة الحية أحسن من هذا البيت وأنشد:
(كأنما لسانهُ على فيهِ ... دخانُ مصباحٍ ذكتْ ذواكيه)
وقال عبد الصمد بنُ المعدل في العقرب:
(يا ربَ ذي إفكٍ كثير خُدعه ... يبرزُ كالقرنينِ حينَ يطلعهُ)
(في مثلِ ظهرِ السبتِ حينَ تلطعه ... أسودُ كالسّيحةِ فيه مصبعه)
(لا تصنعُ الرقشاءُ مالا تصنعه ... )
وقلت فيها أيضاً:
(وإذا شتوتُ أمنتُ لسعةَ عقربٍ ... كالنارِ طارتْ من زنادِ القادحِ)
(قد خلتها تمشي بسبحة عابدٍ ... كلا لقد تمشي بصعدةٍ رامح)
وقال آخر:
(يحملُ رُمحاً ذا كعوبٍ مُشتهر ... فيه سنانٌ كالحريقِ يستعرْ)
(أنفَ تأنيفاً على حسنِ قدرِ ... تأنيف أنفِ القوسِ شُدَّت بالوتر)
ومن أحسن ما قيل في الحرباء وهي دويبة شبيهة بالعظاءة تأتي شجرة التنضبة فتمسكُ بيديها غصنين منها وتقابل الشمس بوجهها فكلما زالت عين الشمس عن ساق منها خلت يديها عنه وأمسكت بساق آخر حتى تغيب الشمس فتسبح في الأرض وترتع قال أبو داود:
(أنَّى أتيحَ لها حرباءُ تنضبة ... لا يرسلُ الساقَ إلا ممسكاً ساقا)
والعرب تقول أحزمُ من الحرباء لأنها لاترسل غصناً إلا أمسكت بآخر،