للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويشبهُ به الرجل الحصيف الذي لا يترك سبباً إلا أخذ بسبب أمتن منه. قال ابن الرومي في امرأة ورقيبها:

(ما بالها قد حُسِّنت ورقيبُها ... أبداً قبيحٌ قُبِّح الرقباءُ)

(ما ذاك إلا أنها شمسُ الضُحى ... أبداً يكونُ رقيبها الحِرباءُ)

وقال بعض العلماء: الحرباء فارسيةٌ معربة وأصلها خورباء أي حافظ الشمس، وخور اسم للشمس بالفارسية. وكان ذو الرمة أنعت العرب للحرباء قال:

(ودَوِّيّةٍ جرداء جدَّاء خيَّمت ... بها صبواتُ الصيفِ من كل جانبْ)

(كأنَ يدي حربائها متمسكاً ... يدا مُذنب يستغفرُ الله تائبْ)

وقال أيضاً:

(وقد جعل الحرباء يصفرُّ لونهُ ... ويخضرُّ من حرَ الهجيرِ غباغبه)

(ويسبح بالكفينِ سبحاً كأنه ... أخو فجرة أوفى به الجذعُ صالبُهْ)

وقال ايضاً:

(يصلى بها الحرباء للشمس مائلا ... على الجذل إلا أنه لا يُكبِّر)

(إذا حولَ الظلَ العشىُ رأيته ... حنيفاً وفي قرنِ الضحى يتنصَّرُ)

وهذه تشبيهاتٌ مصيبةٌ عجيبةُ الإصابة دالةٌ على شدة الحذق وثقوب الذهن، وقد أجمعت العرب أن ذا الرمة أحسنهم تشبيهات. وقال ابن المعتز:

(ومهمهٍ فيه بيضاتُ القطا كِسرا ... كأنها في الأفاحيصِ القواريرُ)

(كأنَ حربائها والشمسُ تَصهرهُ ... صال لنا من لهيبِ النارِ مقرور)

وهذا تشبيهٌ مصيببٌ أيضاً إلا أن للأول ماءً وطلاوةِ ليس لذا ومن أحسن ما قيل في الضب قول الحماني

(ترى ضبّها متسعاً رأسه ... كما مدَ ساعِده الأقطعُ)

(له ظاهرٌ مثل بردِ الوشيّ ... وبطنٌ كما حسر الأصلع)

(هو الضبُ ما مدَ سكانه ... فإذ ضمّه فهو الضُّفدعَ)

ومن أجود ما قيل في البعوض وأجمعه قول بعضهم أنشده أبو عثمان:

<<  <  ج: ص:  >  >>