وقال:
(عذارٌ كمثلِ الأتحمي مطرزٌ ... وفرعٌ كلونِ العبقري محبرُ)
(وقد كانَ من صبغِ الشبابِ ممسّكاً ... فأصبحَ في كفَ المشيبِ مكفرُ)
(فقلْ للعذولِ أقصرِ الآن إنني ... على الرَّغمِ من أنفِ الصبابةِ مُقصرُ)
(كَفَاك تكاليفَ الملامِ كواكبٌ ... من الشيبِ في ليلِ الشبيبة تزهرُ)
(لوائح من تحت الخضابِ كأنما ... سنى الصبح في وجهِ الدجنة يكشر)
وأول من ذكر أنه شاب من غير كبر ابن مقبل في وقوله:
(ما شبتُ من كبرٍ ولكني أمرؤٌ ... عالجت قرعَ نوائبِ الدهرِ)
(فرأيتها عضلا موقحة ... عزت فما تُسطاع بالكسرِ)
(فلذاك صرت معَ الشبيبة نازلا ... في غير منزلتي من العمر)
ومن أجود ما قيل في تقارب الخطو قول أبي الطمحان:
(حنتني حادثاتُ الدهر حتى ... كأني خاتلٌ أدنو لصيدِ)
(قريب الخطو يحسبُ من رآني ... ولستُ مقيداً أني بقيد)
وقد أحسن الآخر في قوله أيضاً:
(الدَّهرُ أبلاني وما أبليتهُ ... والدهرُ غيّرني وما يتغيّرُ)
(والدهرُ قيّدني بقيدِ مُبرَمٍ ... فمشيْتُ فيه وكلِّ يومٍ يقصرُ)
وقوله
(وكل يوم يقصر)
من أحسن العبارة عن ازدياد الضعف وتقاصر الخطو في كل يوم. ومن أعجب ما قيل في الصلع قول الأعرابي:
(قد ترك الدهر عصاتي صفصفا ... فصار رأسي جبهةً إلى القفا)
(كأنما قد كان ربعاً فعفا ... يمسي ويضحي للمنايا هدفا)
ومثله قول الآخر:
(ثم حسرت عن صفاةٍ تلمع ... فأقبلتْ قائلةً تسترجعُ)
(ما رأس ذا إلا جبيناً أجمع ... )