للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فبكى المنصور ثم قال: صاحب هذا القبر أحق بهذا الشعر، ثم أذن للناس فدخلوا ونصبت الموائد فلم يقدر أن يمد يده من الجزع الذي كان خامره فقام شبيب بن شيبة فأنشده قول الثقفي في ابنه علي وكان شرطة عبيد الله بن العباس باليمن فقتله بشر بن أرطأة فقال يرثيه:

(لعمري لقد أوْدَى ابنُ أرطأةَ فارساً ... بصنعاءَ والليث الهزبر أبي الأجر)

(تأملْ فإن كانَ البكا رَدَّ هالكاً ... على أحدٍ فاجهدْ بُكاك على عمرِو)

فسري عنه وأكل مع الناس ورفع الحزن مع رفع الطعام. ومن عجيب المراثي قول الأشجع:

(مضى ابن سعيد حين لم يبقَ مشرقٌ ... ولا مغربٌ إلا لهُ فيهِ مادحُ)

(وما كنتُ أدري ما فواضلُ كفه ... على الناس حتى غيبتهُ الصفائحُ)

(فأصبحَ في لحدٍ من الأرضِ ميتاً ... وكانَ بهِ حياً تضيقُ الأباطحُ)

(سأبكيك ما فاضتْ دُمُوعي وإن تغض ... فحسبك مني ما تحنُ الجوانحُ)

(كأنْ لم يمتْ حيٌّ سِواكَ ولم تقمْ ... على أحدٍ إلا عليك النوائحُ)

(لئن حسنتْ فيك المراثي وقيلها ... لقد حسنتْ من قبلُ فيك المدائحُ)

(وما أنا من رزءٍ وإن جَلّ جازعٌ ... ولا بسرورٍ بعدَ موتك فارح)

وأنشدنا أبو قاسم عبد الوهاب بن إبراهيم قال أنشدنا العقدي قال أنشدنا أبو جعفر عن المدائني لعرفجة بن شريك يرثي أوساً:

(رأيتُ المنايا تصطفي سَرَواتنا ... كأنَّ المنايا تبتغي من تفاخِره)

(فما كانَ قيسٌ عاجزاً غير إنهُ ... حمى أنفه من أن يضيعَ مجاورُه)

(وطابَ لوردِ الموتِ نفساً ولم يخمْ ... وقد ضاقَ بالنكس اللئيم مصادِرُه)

(فصادفَ رق الموت حراً سميدعاً ... إذا سئلَ المعروفَ لانت مكاسره)

(حمى أنفه أوس ولم يثن وجههُ ... ويفني الحياءُ المرءَ والرمح شاجِره)

ومن ههنا أخذ أبو تمام قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>