للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لفضلِ بنِ سهلٍ يدٌ ... تقاصرَ عنها المثلْ

فباطنُها للنّدى ... وظاهرُها للقُبلْ

ومنه أخذ ابن الرومي:

أقاتلتي حججتِ البيتَ إنّي ... حججتُ فتى المروءةِ والسلامُ

فلي في بطنِ راحتهِ ارتواءٌ ... ولي في ظهرِ راحتِهِ استلامُ

وكرره بأخصر من هذا اللفظ:

........... ... له راحةٌ فيها الحطيمُ وزمزمُ

وأما قول المتنبي في بطن المِجن وظهره:

في مثل ظهرِ المِجَنِّ متّصلٌ ... بمثلِ بطنِ المجنِّ قَردَدُها

فهو في كتاب أبي الفتح عثمان بن جني رحمه الله، وقال في قول المتنبي:

لو مرَّ يركضُ في سطورِ كتابةٍ ... أحصى بحافرِ مُهرِهِ ميماتِها

إنه شبه حافر الفرس بصورة الميم، وهو كما تراه، ولو أراد ذلك المتنبي لما كرر قوله:

أوّلُ حرفٍ من اسمِهِ كُتبت ... سنابكُ الخيلِ في الجلاميدِ

يريد العين، وصورة العين والحافر واحدة.

القَرْقَف

وهو اسم لها موضوع، وليس له أصل يشتق منه، ويُحمل عليه، وأنكر أبو عمرو قول من يقول لأنها تُقرقف بمعنى تُرعد الشاربين. قال الرُّقاشي:

ما اكتحلتْ مقلةٌ برؤيتِها ... فمسَّها الدهرَ بعدَها رمدُ

الأحوص:

نعمَ شعارُ الفتى إذا بردَ الس ... ليلُ سُحَيْراً وقرقفَ الصَّرِدُ

زيّنَها اللهُ في العيونِ كما ... زُيِّنَ في عينِ والدٍ ولدُ

وإنما الوجه أن يكون في خروجها من البِزال وتلونها وتكفّيها سَمْوُها، ثم استمر عليها الاسم في جميع أحوالها كالخطاب الخارج على سبب، ثم تُجُوِّز به في غيره، كتسمية شهر الصوم شهر رمضان لوقوع فرضه في شدة الرمضاء، ثم ثبت هذا الاسم له ولو وقع في صميم الشتاء، وآنفِ كواكبِ الجرباءِ، أو زمانَ شيبانَ وملحانَ، أو أيام العجوز.

من عادتهم وضع الاسم على مقتضى معناه، كالنَّزَوان والغلَيان والطيَران. لما كان المعنى الحركة والانزعاج فتحوا عين الفعل، وإذا كان بخلافه أسكنوها، مثل حوْذان؛ فكأنهم سموها قرقفاً في حال بزلها لقرقفتها في خروجها وسيلانها. قال أبو نواس:

تتلوى عندَ المسيلِ من الدّ ... نِّ تلوِّي حبائلِ الفتّالِ

وقال ابن المعتز:

فأخرجَ بالمِبزالِ منها سبيكةً ... كما فتلَ الصواغُ خَلخالَهُ فَتلا

الخَنْدَريس

هي القديمة. قال الفراء: حِنطةٌ خندريس أي قديمة، ونونه وياؤه زائدتان، والخدرسة القِدم، وهي فنعليل مثل عنتريس من العترسة، وهي الشدة والصلابة، وعنقفير من العقفرة وهي الدهاء والنكارة. وأما زنجبيل وعندليب فهو فَعلليل، وليس في العربية فَنعليل وفَعْلَليل سوى هذه الكلمات. ومن المكرر على اختلاف زمهرير وعرطليل وقفشليل ومنجنيق على مذهب من يقول منجقتُهُ، ومن قال: بيننا حروب عون تفقأ منها العيون، فمرةً نُجنَقُ ومرة نُرشَق، فهذا مفعليل. وقال:

فنعمْنا والعينُ حيٌّ كميتٍ ... بخطابٍ كلذةِ الخندريسِ

[الرحيق]

هو صفوة الخمر، وعليه علماء اللغة، ولم يذكروا له أصلاً يرجع إليه. وقوله تعالى: " يُسقون من رحيق مختوم ختامه مسك " فمعناه آخر رائحته مسك والله أعلم. وقال الناجم:

رحيقٌ كصفوِ الماءِ هبّتْ به الصِّبا ... ففاضَ على حصبائهِ يَترقرقُ

يودُّ حشا الصديانِ لو كان وسطَهُ ... على ما بهِ من غلّةِ الصدرِ يغرقُ

ابن الرومي:

وشفوفُ البدنِ النا ... عمِ في الثوبِ الرقيقْ

ورحيقٌ كحريقٍ ... في أباريقِ عقيقْ

إنّ من ورّد خدّ ... يك لصبّاغٌ رفيقْ

[القهوة]

قال الكسائي: سميت قهوةً لأنها شاربها يُقهي، أي تذهب شهوته للطعام. يقال: أقهى الرجل وأقهمَ إذا ذهبت شهوته للطعام، ويقال: استَيْقَه الرجل إذا أطاع. قال الأعشى:

معتقةٌ قهوةٌ مُزّةٌ ... لها زبدٌ بين كوبٍ ودنْ

المُدام والمُدامة

<<  <   >  >>