لو شئتُ أنشأتُ من ذوائبهِ ... ليلاً ومن نُور وجهه فلَقا
[باب]
[ما جاء في الأثر من استعمال الطيب]
قال صلى الله عليه وسلّم: حُبب إلي من دنياكم ثلاث: الطيب والنساء وجُعلت قرَّة عيني في الصلاة.
وقال صلى الله عليه وسلّم: مثل الجليس الصالح كمثل المداريِّ إلاَّ يُحْذِكَ من عطره يعلقك من ريحه. ومثل الجليس السوء كمثل القين إلاَّ يحرقكَ بشرره يُؤذك بدخانه.
وقال صلى الله عليه وسلّم: خير طيب الرجال ما ظهر عرفه وخفي لونه، وخير طيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه.
وقال صلى الله عليه وسلّم: جنِّبوا مساجدكم الصبيان والمجانين والشراء والبيع والأصوات، وجمِّروا لكل جمعة.
وقال صلى الله عليه وسلّم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله. وليخرجنَ إذا خرجنَ تفِلاتٍ.
وقال صلى الله عليه وسلّم في أهل الجنة: ومجامرهم الألُوَّة.
وقال صلى الله عليه وسلّم: لا يبولون ولا يتغوَّطون. إنّما هو عرق يجري من أعراضهم مثل المسك.
[باب]
[أسماء المسك]
المسك، والأناب، والصِّوار القطعة منه، والفأرة والنافجة ما فيه، واللَّطيمة، والفِتاق، والشَّذو. ولون المسك يُسمى الدكنة، لأنه يضرب إلى الغُبرة، والأصهب لأنه يضرب إلى الحُمرة. قال الفرزدق:
كأنَّ تريكةً من ماءِ مُزنٍ ... بهِ أرْيُ الأَنابِ مع المُدامِ
وقال أبو الأخزر:
يعبقُ داريُّ الأَنابِ الأدكنِ ... منه بجلدٍ طيِّبٍ لم يدرَنِ
آخر:
فقالَ أَعطَّارٌ ثوى في رِحالنا ... وليس بمَوْماةٍ تباعُ اللَّطائمُ
وقال الأعشى:
إذا تقومُ يَضوعُ المسكُ أصورةً ... والعنبرُ الوردُ من أردانِها شمِلُ
بشَّار:
إذا نفخَ الصِّوارُ ذكرتُ سُعدى ... وأذكرُها إذا لاحَ الصِّوارُ
الأحوص:
كأنَّ فأرةَ مسكٍ في ذوائِبِها ... صهباءَ ذاكيةٌ من مسكِ دارينا
كثيّر عزَّة:
مسائحُ فَوْدَيْ رأسه مسبغلَّةٌ ... جرى مسكُ دارينَ الأحمُّ خلالَها
الراجز:
كأنَّ حشوَ القرطِ والدمالجِ ... نافجةٌ من أطيبِ النوافجِ
ابن الخطيم:
طرقتكَ بينَ مُسبحٍ ومُكبرٍ ... بحطيمِ مكَّةَ حيث سالَ الأبطحُ
فحسبتُ مكَّةَ والمشاعرَ كلّها ... ورحالَنا باتتْ بمسكٍ تنفحُ
آخر:
أجدَّ بعمرَة غُنيانُها ... فتهجرَ أمْ شانُنا شانُها
وعمرةُ من سرواتِ النِّسا ... ءِ تنفحُ بالمسكِ أردانُها
العرجيّ:
سقى ورعى اللهُ الأوانسَ كالدُّمى ... إذا رُحن جنحَ اللَّيل معتجراتِ
تضوَّعَ مسكاً بطنُ نعمانَ أن مشتْ ... به زينبٌ في نسوَة عطراتِ
ابن أبي عُيينة:
بفرسٍ كأبكارِ الجواري وتربةٍ ... كأنَّ ثَراها ماءُ وردٍ على مسكِ
ومما صرَّفه الشعراء من معانيه:
جرى دمعي فباحَ عليه سرِّي ... كحاوي المسكِ دلَّ عليهِ نفحُ
أبو تمام:
باتتْ على التَّصريدِ إلاَّ نائلاً ... إلاَّ يكنْ ماءً قَراحاً يُمذقِ
نزراً كما استكرهتَ عائرَ نفحةٍ ... من فأرةِ المسكِ التي لم تُفتقِ
أبو عبادة:
ظعائنُ أظْعنَّ الكرى عن جفوننا ... وعوَّضْننا منها سُهاداً وأدمُعا
وحاولنَ كِتمانَ التَّرحُّل في الدُّجى ... فباحَ بهن المسكُ لمَّا تضوَّعا
كشاجم:
هي طيبٌ والطيبُ والحبُّ شيبٌ ... مسرعٌ للملوكِ والعشَّاقِ
المتنبي، في معناه وأبدع:
فإن نفُقِ الأنامَ وأنتَ منهمْ ... فإنَّ المسكَ بعضُ دمِ الغزال
وقد صرف هذا المعنى بين الورد والعنب، وأجاد فيه، قال:
فإنْ يكُ سيَّارُ بنُ مكرمٍ انْقضى ... فإنَّكَ ماءُ الوردِ إنْ ذهبَ الوردُ
وقال:
فإنْ تكنْ تغلبُ الغلباءُ عنصُرَها ... فإنَّ في الخمر معنًى ليس في العنبِ
ويقول العرب في الشيء المضنون به: كالمسك إن خبَّأته عبق، وإن عرضْته نفق.
جميل:
كأنَّ خزامى عالجٍ في ثيابِها ... بُعيدَ الكرى أوْ فأر مسك تُذبَّحُ
الراجز:
كأنَّ بين فكِّها والفكِّ ... فأرةَ مسكٍ ذُبحتْ في سكِّ