للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الشعبي: " لأن أتعنّى بعَنِيّةٍ أحب إلي من أن أقول في مسألة برأي " ويقال للرجل إذا كان جيد الرأي: عَنِيَّتُهُ تشفي الجرب، والمُعَنّى الفحل المحبوس في العُنّة.

قال الوليد بن عقبة بن أبي معيط:

قطعتَ الدهرَ كالسَّدِم المُعنّى ... تهدَّرُ في دمشقَ فما تَريمُ

ويقال لم تَعْنِ بلادُنا شيئاً، أي لم تنبت، وعنتِ الأرض أنبتت.

الماذِيَة

قال بعضهم هي السهلة في الحلق. ودرع مادية أي ليّنة سهلة، وهذا قول الأصمعي في كتاب السلاح. وهم يصفون الدروع باللين في السرد، وسهولة الحجم لتضأل في طيّها وتخف في حجمها.

قال امرؤ القيس:

تفيضُ على المرءِ أردانُها ... كفيضِ الأتيِّ على الجَدجدِ

وقال أبو عمرو الشيباني: الدرع الماذيّة البيضاء، ومنها قالوا: عسلٌ ماذِي أبيضُ بكثرة الرونق وشدة البريق واللألاء والصفاء. قال أعرابي:

مُدَّرِعاً لأمةً مُضاعفةً ... كالنهيِ وفّي سِرارَهُ الرَّهَمُ

والنهي إذا امتلأ وتحيّر الماء ضربته الريحُ فجابت أقذاءه وصفّت أرجاءه. قال:

وسابغةٍ من جيادِ الدرو ... عِ تسمعُ للسيفِ فيها صَليلا

كمتنِ الغديرِ زهَتْهُ الدَّبورُ ... يجرُّ المدجّجُ منها فُضولا

وأنشد أبو تمام في القبائل للعرب:

علينا دِلاصٌ من تراثٍ محرّقٍ ... كلونِ السماءِ تحاكي نُجوما

شبّه حمالة الدرع بلون السماء، ومساميرها التي تشد الحلقَ بالنجوم وهي القتير فتكون كقول الهجيمي أنشده الأصمعي:

وعليَّ سابغةٌ كأنَّ قتيرَها ... حَدَقُ الأساودِ لونُها كالمِجولِ

ومنه المذيّ وهو ما يخرج من ماء الصُّلب لسهولة مخرجه أو بياضه. يقال مَذى. ومن أمثالهم: كلّ ذكَرٍ يمذي وكل أنثى تَقْذي. كما أن الوَدْي من وَدى أي سال، ومنه الوادي، وإذا أُخذت الماذية من لون بياض الدرع كالصهباء، وإذا أخذت من السهولة كانت كقول القائل:

فتجري ما تُحِسَّ لها حَسيساً ... إذا مرَّتْ بمُزْدَرِد البُصاقِ

وتشديد الماذيّة والسخاميّة كالخُرْثيّ والبُجْريّ للداهية، والعُبْريّ لما نبت على شط النهر من السّدر؛ والجُلذيّ: الشديد من الإبل.

الشَّموس

قال الشموس فَعال من شِماس الدابة ونَفارها، لأنها تشمس بشاربها، وتحدث فيه الطيش والزهو والخفة والنزق. قال بشار:

هاتِها كالشُّواظِ تجمحُ في الرأ ... سِ جِماحَ الحصانِ حدَّ الشَّموسِ

ويجوز أن تكون سُميت شموساً لشماسها من مزاج الماء. قال أبو نواس:

وكأنَّ فيها من جنادبِها ... فرَساً إذا سكّنتَهُ رَمَحا

وقال أيضاً:

بينَ المُدامِ وبينَ الماءِ شَحناءُ ... تنقدُّ غيظاً إذا ما مسّها الماءُ

ومنه الشمس لأن الأبصار تشمس عنها. وقال الأصمعي:

ومَولىً كأنَّ الشمسَ بيني وبينهُ ... إذا ما التقَيْنا لستُ ممنْ أعاتبُهْ

وهذا من الشعر الذي جاد لفظه ومعناه. وقال عنترة:

إذا أبصرتِني أعرضتِ عنّي ... كأنَّ الشمسَ من قِبلي تَدورُ

ومنه أخذ المتنبي وفيه سوء عبارة:

كأنَّ شُعاعَ عينِ الشمسِ فيهِ ... ففي أبصارِنا عنه انكسارُ

وقال الحِمّانيّ فبالغ وجعلَ العيون رُمْداً لشدة صدودها:

كما صُدّتْ عن الشمسِ ... سراعاً أعينُ الرُّمدِ

وأَشمسْنا دخلنا في الشمس، وشمَسَ يومُنا إذا كان ذا شمس.

وفي صفة الشَّموس قال لقيط:

جرَّتْ لِما بيننا حبلَ الشموسِ فلا ... يأساً مُبيناً ترى منها ولا طَمعا

وقال مزرّد وهو من أبيات المعاني:

ظلِلْنا نُصادي أُمَّنا عن حَمِيتِها ... كأهلِ الشَّموسِ كلُّهم يتودَّدُ

فجاءتْ بها صفراءَ ذاتَ أسرّةٍ ... تكادُ عليها ربّةُ النَّحْيِ تكمدُ

يريد شمسة طلبها.

وقال النابغة:

شُمسٌ موانعُ كل ليلةِ حُرّةٍ ... يُخلفْن ظنَّ الفاحشِ المغيارِ

تقول العرب للمملّك بامرأته ليلة إهدائها إليه: ليلةٌ شيباء أم ليلة حرّة. فليلة شيباء التي يغلب فيها الزوج المرأة فيطؤها، وليلة حرّة التي تمتنع فيها على الزوج.

وأنشد:

بثُّ في دِرعها وباتَ ضَجيعي ... في بصيرٍ وليلةٍ شيباءِ

البصير الطريقة من الدم، يعني أنه افتضها. وقال الآخر:

<<  <   >  >>