إذا أمُّ سِرْياحٍ غدَتْ في ظعائنٍ ... جوالسَ نجداً فاضَتِ العينُ تدمَعُ
وقال بعض العلماء في قول الأعشى:
وسبيئةٍ مما تُعتّقُ بابلٌ ... كدمِ الغزالِ سلبتُها جِريالَها
أي شربتُها حمراء وبُلتها صفراء بيضاء. وإنما الشعراء الذي ذكروا منازعة الشرب حُمرة الخمر عبروا عن مواقعها في العين والوجه. قال أبو ذؤيب، وقيل لأبي نواس:
ترى شَربها حُمرَ الحِداقِ كأنّهم ... أُسارى إذا ما سارَ فيهمْ سُوارُها
وقال أبو نواس وقيل لأبي ذؤيب:
ترى وجوهَهم حمراً إذا شرِبوا ... العينُ تلمعُ كالبيضِ المَصاليتِ
وقال مسلم بن الوليد:
خلَطْنا دماً منْ كرمةٍ بدمائِنا ... فأظهرَ في الألوانِ منّا الدمَ الدمُ
وقال ابن الرومي وقيل لعبد الصمد:
يُنازعُها الخدُّ جِريالَها ... فتُهديهِ للعينِ يومَ الخُمارِ
عبد الصمد بن المعذل:
بدا فكأنّهُ قمرٌ ... على أزرارِهِ طَلَعا
وقد خلعتْ عليه الخمرُ من أثوابِها خِلَعا
وقال أبو نواس:
كأسٌ إذا انحدرَتْ في حلْقِ شاربِها ... رأيتَ حُمرتَها في العينِ والخدِّ
وقال الحسن بن وهب:
وردةُ اللونِ في خدودِ النَّدامى ... وهيَ صفراءُ في خدودِ الكؤوسِ
وقال ابن الرومي:
هي الورسُ في بيضِ الكؤوسِ وإنْ بدَتْ ... لعينَيْكَ في بيضِ الوجوهِ فَعندَمُ
السُّخامية
قال أبو عمرو: السخامية هي اللينة في الحلْق، السهلة المساغ. يقال: ريش سُخام أي لين. قال جندل:
كأنّهُ بالصحصانِ الأنجلِ ... قُطنٌ سُخامٌ بأيادي غُزَّلِ
ويقال شعر سُخام أي لين، ويقال أسود مأخوذ من السُّخام وهو الفحم يقال: سَخَّم الله وجه أي سوّده. وقول جندل قطن سُخام بأيادي غُزل يريد ها هنا اللين. وأياد جمع يد لم أسمع إلا في هذا البيت، وبيت آخر لعدي بن زيد:
ساءَها ما تأمَّلَتْ في أيادينا ... .......
وقال عوف:
كأنّي اصطحبتُ سُخاميّةً ... تفسّأ بالمرءِ صِرفاً عُقارا
ومثل السخامية في العربية اللُّباخية للمرأة، والخُدارية للعُقاب، والصُّفارية طير، والجُمالية للناقة.
الخُرطوم
قال الأصمعي الخرطوم أول ما يسيل منها كالخرطوم في إسالتِه واسترساله. وقال الخليل في السَبَطانة إنها على فَعَلانة لاسترسالها وسبوطتها من الشَّعر.
وقال ذو الرمة:
كأنه في الضحى ترمي الصعيدَ بهِ ... دبّابةٌ في عظامِ الرأسِ خُرطومُ
وسمعت بعض أهل العلم يقول في قوله عز وجل: " سنَسِمُهُ على الخُرطوم " سنعاقبه على شرب الخمر، وأما في كتب التفسير فإنه يسمه على الأنف، وخصّه بذلك لأنه معظم جمال الوجه، فالنكال به أشنع، وعليه أظهر وأشهر. ومن كلام العرب: نضّر الله وجهه، وهذا ما كسبت يداك. وقول ذي الرمة في الخرطوم من صواب التشبيهات:
كأنَّ أنوفَ الطيرِ في عَرَصاتِها ... خراطيمُ أقلامٍ تَخُطُّ وتَعجُمُ
الكُمَيْت والكُمتَة
قال أبو عمرو الشيباني: سميت كميتاً للونها. والكُمتة بين السواد والشقرة. يقال فرس كميت للذكر والأنثى، والتصغير الذي في كميت تصغير تقريب لأن عرفه وذنَبَه أسودان فقرب بينهما كقول أوس:
دانٍ مُسفُّ فُويقَ الأرضِ هَيدبُهُ ... يكادُ يدفعُهُ مَنْ قامَ بالراحِ
أراد تقريب المسافة. ومثله قول الشاعر:
صفحتُ بنظرةٍ فرأيتُ منها ... تُحيتُ الخِدرِ واضعةَ القِرامِ
وقال الشاعر في ذكر الكميت:
وكمْ منْ مُوعِدٍ لي ليسَ يدري ... ألونُ الوردِ جلدي أمْ كُميتُ
أي يتهددني من بعيد، ولا يتجرأ على الدنو مني فيتأمل حقيقة لوني. قال النابغة:
وما حاولتُما بقيادِ خيلٍ ... يُصانُ الوردُ منها والكُميتُ
وقال أعرابي:
أُرجِّلُ جُمّتي وأجرُّ ثوبي ... وتحملُ شِيّتي أفقٌ كُميتُ
أُمشّي في سراةِ بني عُطيفِ ... إذا ما رابَني أمرٌ أبيتُ
الصهباء