يصبُّ الكأسَ منْ أبارقِهِ ... ماءَيْنِ من فضةٍ ومن ذهَبِ
ابن الرومي:
والزقُّ بينَ الرياضِ مُنبرِكٌ ... تشخبُ أوداجُهُ بلا خِنجرْ
كأنّهُ راعفٌ بخيعَ دمٍ ... أو حبشيٌّ مُوثَقٌ يُنحَرْ
آخر:
والزقُّ كالهديِ المُوثَّقِ ساقطٌ ... بين المشاعرِ قد دنا قُربانُهُ
ولنا هنالكَ مجلسٌ قد أُنطقتْ ... ناياتُهُ وترنّمتْ عِيدانُهُ
وهلمَّ نسكرُ فيهِ سُكراً بالغاً ... لا يُستطاعُ بحيلةٍ كِتمانُهُ
[الباب الثاني والثلاثون في]
[إنفاق المال عليها وتعجيل اللذات]
أعرابي:
أعاذلُ لو شربْتَ الخمرَ حتى ... يكونَ لكلِّ أُنملةٍ دبيبُ
إذا لعذرتَني وعلمتَ أنّي ... بما أنفقتُ من مالي مُصيبُ
الخليع:
أفنى على العطلةِ أموالَهُ ... وباتَ يشكو جفوةَ الناسِ
وجُلُّ ما أنفقَ من مالِهِ ... على يدِ الإبريقِ والطاسِ
الحارثي:
أفنى تلادي وما جمّعتُ من نَشَبٍ ... قرعُ القواريرِ أفواهَ الأباريقِ
قسمتُ أيامَ عمري في السرورِ بها ... وشُربِها بينَ تَصبيحٍ وتغبيقِ
الأضبط:
وخذْ من الدهرِ ما أتاكَ بهِ ... منْ قرَّ عيناً بعيشِهِ نفعَهْ
أبو محجن الثقفي:
إذا مُتُّ فادْفِنّي إلى أصلِ كرمةٍ ... تُروّي عظامي فيمماتي عُروقُها
ولا تدفنَنّي بالفلاةِ فإنّني ... أخافُ إذا ما مُتُّ ألا أذوقَها
الحارثي:
سأشربُها بكَسبِ يدي وإرثي ... وأشربُ بالتليدِ وبالطريفِ
وأشربُ بالكريمةِ من عُقاري ... وأشربُها بغَلاّتِ السقوفِ
إلى أنْ أجتليها كلَّ يومٍ ... منَ الإبريقِ دائمةَ الوَكيفِ
إذا سلسلتُها في الحلقِ حَلَّتْ ... محلَّ الغوثِ من بدنِ اللَّهيفِ
العطوي:
سرورُ الفتى يوم لذّاتِهِ ... ولذّاتُهُ في اصطباحِ الكؤوسِ
هيَ السعدُ يومَ يغيبُ السعودُ ... هي الشمسُ حينَ مَغيبِ الشموسِ
ولم يُخلَقِ المالُ إلاّ لها ... وما خُلقتْ غيرَ أُنسِ النفوسِ
وأنشد الجاحظ لبعض الأعراب:
غضبَتْ عليَّ لأنْ شربْتُ بصوفِ ... ولئنْ غضبتِ لأشربَنْ بخروفِ
ولأشربَنْ من بعدِ ذلكَ بناقةٍ ... ولأشربَنَّ بتالدي وطَريفي
أبو عطاء:
إنَّ الكرامَ مُناهبو ... كَ المجدَ كلَّهم فناهِبْ
أَخلِفْ وأتلِفْ كلُّ شي ... ءٍ زعزعتْهُ الريحُ ذاهِبْ
آخر:
بساحةِ الحيرةِ ديرُ حنظلَهْ ... عليهِ أذيالُ السرورِ مُسبلَهْ
أحييتُ فيهِ ليلةً مُقتبلَهْ ... وكأسُنا بينَ الندامى مُعملَهْ
فالراحُ فيها مثلُ نارٍ مُشعلَهْ ... وكلُّنا مُستنفِذٌ ما خُوّلَهْ
فما يلذُّ عاصياً مَنْ عذَلَهْ ... مُبادراً قبلَ يُلاقي أجلَهْ
أبو الطمَحان:
ألا علِّلاني قبلَ أغبرَ مظلمِ ... بعيدٍ من الإخوانِ قَفرٍ منازلُهْ
فإنَّ الفتى يُودي ويؤكلُ مالُهُ ... وتُنكحُ منْ بعدِ المماتِ حَلائلُهْ
فدعنيَ أنعمْ في حياتي بعيشَتي ... وآكل مالي قبلَ منْ هوَ آكلُهْ
آخر:
لمَ لا أصرُّ على البطالةِ والصبا ... وعليَّ بُردُ شبيبتي وإزارُها
وإذا تراءَتْ للقِيانِ مَحاسني ... طمحَتْ إليَّ بلحظِها أبصارُها
ولو أنَّ عيداناً بغيرِ ضواربٍ ... قابلنَني لتحرّكَتْ أوتارُها
ووصف بعضهم عوّاداً فقال: لو أبصرتِ العيدانُ فلاناً لتحركت أوتارُها، ولو نظرتْ إليه مومسةٌ لسقط خِمارُها.
أبو الهندي:
ألا علِّلاني والمُعلَّلُ أروَحُ ... ولا تعداني الشرَّ والخيرُ أفسحُ
بإجّانةٍ لو أنهُ جُرَّ بازلٌ ... عليها لأضحى وهو للخِبِّ يسبحُ
جُعيفران:
المالُ ما سَرَّكَ إنفاقُهُ ... لا ما الذي سرَّكَ إمساكُهُ
فليغتنِمْ لذّاتِهِ حازمٌ ... فالدهرُ والأوقاتُ أشراكُهُ
أبو العتاهية:
بادرْ إلى اللذاتِ يوماً أمكنَتْ ... بحلولِهنَّ بوادرُ الآفاتِ
تأتي الحوادثُ حينَ تأتي جَمّةً ... وأرى السرورَ يجيءُ في الفَلَتاتِ
[الباب الثالث والثلاثون في]
استحلال المحارم وارتكاب الكبائر