وابنة الجبل الحية، ويقال لها صَمّي صمام، أي لا تجيب الراقي.
وقال امرؤ القيس:
بُدِّلتُ من وائلٍ وكِندةَ عَدْ ... وانَ وفهماً صَمّي ابنةَ الجبلِ
ويقال إن ابنة الجبل الصدى. أنتَ ابنةُ الجبل مهما يُقَلْ تَقُلْ، أي أنت كالصدى كل ما تسمعه تعيده.
وقال أبو عبيدة بنت الجبل الحصاة، ويقال صَمّتْ حصاةٌ بدمٍ، وذلك إذا اشتدت الحرب، كأنه كثر الدم حتى إذا وقعت حصاة فيه لم يسمع لها صوت.
قال الكميت:
وإيّاكمُ إياكُمُ ومُلمةٌ ... يقولُ لها الكانونُ صَمّي ابنةَ الجبلْ
وابن جلاءٍ البارز المكشَّف.
قال القُلاخ:
أنا القُلاخُ بنُ جُنابِ بنِ جلا ... أبو خَناثيرَ أقودُ الجملا
وأما العجّاج فإنه جعله ابنَ أجلى، قال:
بهِ ابنُ أجلى وافقَ الإصحارا
وابنُ السبيل المسافر، وابن قُمير الليلة القمراء، وابن الماء طائر.
قال ذو الرمة:
وردتُ اعتسافاً والثُّريا كأنَّها ... على قمةِ الرأسِ ابنُ ماءٍ مُحَلِّقُ
وأبناءُ سمير الليل والنهار، وابن النعامة خطُّ أسفل القدم.
قال عنترة:
فيكونُ مركبُكِ القَعُودَ ورَحلَهُ ... وابنُ النعامةِ يومَ ذلكَ مَركبي
أي أُؤسر وأُجنَب. وابن جمير الليلة المظلمة السوداء. قال:
وكأني في فحمةِ ابنِ جَميرٍ ... في نقابِ الأسامةِ السَّرداحِ
هذا لص، أي كأنّي في جرأتي على الليل واقتحاميه للتلصص والغارة في جلد أسد. وقال آخر:
نهارُهمُ ليلٌ بَهيمٌ وليلُهمْ ... وإنْ كانَ بدراً فحمةُ ابنِ جَميرِ
هم لصوص يكمنون النهار. وفي ذكر اللصوص هذا البيت ظريف:
نهقَ الحمارُ فقلتُ: أيمنُ طائرِ ... إنَّ الحمارَ من النجاحِ قريبُ
ومن أمثالهم في الابن: ابنُك ابنُ بُوحِكَ يشرب من صَبوحك. وفي البُوح قولان أحدهما أنه الفَرج، والثاني جمع باحة وهي ساحة الدار. ومثله ابنُك من دَميِّ عَقِبَيْك يُخاطب به الطير، أي ابنك من ولدتَه لا من تبنّيته.
وأما أم زنبق في أسماء الخمر فإن العرب تضع الأم تسميةً لمعظم الشيء الذي تأوي إليه أطرافه، كأنها لصفائها سُميت بذلك. وقال بعض الشعراء يصف عينَيْ جارح:
يُقلِّبُ عينينِ في رأسِهِ ... كأنَّهما قطرتا زَنبقِ
لصفائها وطرحها القذى. وزنبقُ النون زائدة، ومثاله فَنْعل. يقال زَبقَ شعرَه يزبق زبقاً إذا نتفه، وزبقتُ الرجلَ إذا حبسته، والزابوقة الحبس. وجندل مثله من الجدل، وهو استحصان الشيء واستحكامه في تداخل أجزائه. ومنه الجَدالة الأرض، والجدل في الكلام منه أيضاً، من الجَدالة وهي الأرض، لأن كل واحد من المتجادلين يجهد أن يجدل صاحبَه أي يصرعه.
الحانِيَّة
قال هي منسوبة إلى الحانة حيث تباع الخمر. قال أبو نواس:
يا رُبَّ صاحبِ حانةٍ نبَّهتُه ... فبعثتُهُ منْ نومةِ المُتزمّلِ
عرفتْ ثيابَ الطارقينَ كلابُهُ ... فيبِتْنَ عن سَنَنِ الطريقِ بمَعزِلِ
وقال:
إلى بيتِ حانٍ لا تُهرُّ كلابُهُ ... عليَّ ولا يُنكرْنَ طولَ ثيابي
وقال علقمة:
كأسٌ عتيقٌ منَ الأعنابِ عتّقَها ... لبعضِ أربابِها حانيّةٌ حومُ
وهو من الحين وهو الوقت يتحيّنها الناس لشربها وابتياعها. يقال تحيّنتُ غفلة الناس، أي طلبت وقت غَرْبِهم، وحنيتُ الشاةَ إذا جعلت لها حلبةً واحدةً في اليوم والليلة كالوجبة.
قال المخبّل:
إذا أُفِنَتْ أروى عيالَك أَفنُها ... وإنْ حنِيَتْ أروى على الوطْبِ حينُها
والحَين الأجل لأنه موقّت بوقت.
الدِّرْياق
قال: سميت الخمر درياقاً لأنها شفاء من داء الغم كما يُتداوى بالدرياق من اللدغ، قال ابن المعتز:
ولقدْ علمتُ بأنَّ شربَ ثلاثة ... ترياقُ همٍّ مُسرعٌ بنجاتي
وقال آخر:
فَعِلّلاني بها صهباءَ صافيةً ... إنَّ الشرابَ لهمِّ النفسِ دَفّاعُ
وقال آخر:
إذا دخلَتْ قلباً ترحَّلَ همُّهُ ... وطابَتْ لهُ دنياهُ واتسعَ الضنكُ
وقال أبو نواس:
صفراءُ لا تنزلُ الأحزانُ ساحتَها ... لو مسَّها حجرٌ مستْهُ سَرّاءُ
وقال أبو سعدٍ المخزومي:
شفاءُ ما ليسَ لهُ شفاءُ ... عذراءُ تختالُ بها عذراءُ
المِزْر