للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زهير بن ابي سلمى:

كأن ريقَتَها بعد الكرَى اغْتُبِقَتْ ... مِن طيَّب الراحِ لمَّا يَعْدُ أنْ عَتَقا

شَجَّ السُقاةُ على ناجودِها شَبِماً ... مِن ماءِ لِينَةَ لا طَرْقاً ولا رَنِقا

الأعشى:

تُعاطي الضَجيعَ إذا أقْبلتْ ... بُعَيْدَ الرُقادِ وبعد الوَسَنْ

صَرِيفيَّةً طيِّباً طَعمُها ... لها زَبَدٌ بين كُوبٍ ودَنْ

يَصُبُّ لها الساقيان المِزا ... جَ مُنْتَصَفَ الليلِ من ماءِ شَنْ

[الباب الثاني عشر]

[حسن الحديث والنغمة]

أنشد:

يا أطيبَ الناسِ إنْ مازَحْتَها عِللاَ ... وأحسنَ الناسِ إن جادَلْتَها جَدَلا

كأنَّما عَسَلٌ رُجعانُ مَنطِقِها ... إنْ كان رَجْعُ كلامٍ يُشْبِهُ العَسلا

ذو الرمة:

وإنّا لنُجْري بَيْننا حينَ نَلْتقي ... حديثاً له وَشْيٌ كوشْيِ المَطَارفِ

حَديثاً كوَقعِ القَطْرِ في المَحْلِ يُشْتَفى ... بهِ من جوىً في داخِلِ القلبِ لاَطِفِ

وله:

ولمَّا تلاقَيْنا جَرَتْ من عيُونِنا ... دُموعٌ كَفَفْنا غَرْبَها بالأصابعِ

ونِلنا سُقاطاً من حديثٍ كأنهُ ... جَنى النحلِ مَمزوجاً بماءِ الوَقائعِ

بشار بن برد:

وكأنَّ رَجْعَ حَديِثِها ... قِطَعُ الرياضِ كُسِينَ زَهْرا

وكأنَّ تحتَ لِسانِها ... هاروتَ يَنْفُثَ فيهِ سِحْرا

وتَخالُ ما اشْتَملتْ عليهِ ثِيابُها ذَهَباً وعِطْرا

الأحوص:

وأعْجَلنا وَشْكُ الحديثِ وبيننا ... حديثٌ كَتَنْشِيجِ المريضَيْنِ مُزْعِجُ

حديثٌ لو أنَّ اللحمَ يَصْلى بِبَعْضهِ ... غَريضاً أتى أصحابَهُ وهو مُنْضَجُ

ابن ميادة:

شُمُسٌ لدى خَطَلِ الحديث أوانِسٌ ... يَرْقُبْنَ كلَّ مُلَعَّنٍ تِنْبَالِ

أُنُفٌ كأن حديثَهُنَّ تَنادُمٌ ... بالكأسِ كل عقيلةٍ مِكْسالِ

أبو ذؤيب:

وإن حديثاً منكِ لو تَبْذُلينَهُ ... جَنى النحلِ في ألبانِ عُوذٍ مَطافِلِ

مَطافيلَ أبكارٍ حديثٍ نِتاجُها ... يُشابُ بماءٍ مِثْلِ ماءِ المفاصِلِ

ابن الرومي:

شادنٌ من نَشرهِ المسكُ ومن فيهِ المدامُ

فاتِنُ الطُرَّةِ والغُرَّةِ ما فيهِ مَلامُ

وله نَثرٌ من الدُرِّ مليحٌ ونِظامُ

فالنِظامُ المَضْحكُ الوا ... ضِحُ والنَثْرُ الكلامُ

وهذا قد سبقه إليه البحتري بأحسن تفصيل وأعذب كسوة فقال:

فلمَّا الْتقْينا والنَّقى مَوعدٌ لنا ... تعجَّبَ رائي الدُرِّ حُسناً ولاقِطُهْ

فمِن لُؤلُؤٍ تجلوهُ عند ابتسامِها ... ومِن لُؤلُؤٍ عند الحديثِ تُساقِطُهْ

آخر:

ظَلِلْنا نَشاوى عند أمِّ محمدٍ ... بِيومٍ ولم نَشربْ شَراباً ولا خَمرا

إذا صَمتتْ عنّا ضَجِرنا بصَمتِها ... وإنْ نطقتَ هاجَتْ لألبابنا سُكرا

سلم الخاسر:

يُمسي ويُصبحُ مُعْرِضاً فكأنهُ ... مَلِكٌ عزيزٌ قاهرٌ سُلطانُهُ

ليست إساءَتُهُ بِناقصةٍ لهُ ... عِندي، وليس يَزيدُه إحسانُهُ

رَخْصُ البَنَانِ كأن رَجْعَ كلامِهِ ... دُرٌّ يُساقطُه إليَّ لسانُهُ

ومن البيت الثاني أخذ المتنبي قوله في عبيد الله بن عبد الله بن طاهر:

لو كَفَرَ العالَمونَ نعمته ... لما عَدَتْ نَفْسُهُ سَجاياها

كالشمسِ لا تَبتغي بما صَنعتْ ... مَنفعةً عندهمْ ولا جاها

وأكثر من نرى يقدر أن المتنبي أبدع في قوله:

وقد صُغْتَ الأسِنَّةَ من هُمومٍ ... فما يخطُرْنَ إلاَّ في فُؤادِ

وربما ينظر إلى قول أبي تمام حيث يقول:

مِن كلِّ أزرقَ نَظَّارٍ بلا نظرٍ ... إلى المَقَاتِلِ ما في مِتْنِه أوَدُ

كأنهُ كانَ تِرْبَ الحُبِّ من زَمنٍ ... فليس يُعْجِزُهُ قلبٌ ولا كَبدُ

وكذلك قوله في سيف الدولة:

فأنتَ حُسامُ المُلكِ واللهُ ضاربٌ ... وأنتَ لواءُ الدينِ واللهُ عاقِدُ

وكرر كثيراً إعجاباً به فقال:

على عاتِقِ الملكِ الأغرِّ نِجادُهُ ... وفي يَدِ جبَّارِ السماواتِ قائِمُهُ

وقال:

وَلِمْ لا يَقِي الرَحمنُ حَدَّيْكَ ما وَقى ... وتَفليقُهُ هامَ العِدا بِكَ دائِمُ

<<  <   >  >>