وقائلٍ: من تحبُّ؟ قلتُ لهُ: ... ولي فؤادٌ يُطوى على وَلَههْ
انظرْ إلى الظبيِ فهيَ جاريةٌ ... تُشركهُ في اسمِهِ وفي شِبهِهْ
وله فيه وأحسن:
سُمّيتَ ظبياً حينَ أشبهتَهُ ... زِيدَ الذي سمّاكَ تَثبيتا
البدرُ أولى أنْ تُسمّى بهِ ... إنْ كنتَ بالأشباهِ سُمِّيتا
[الباب التاسع والعشرون في]
[استهداء الشراب]
الأخيطل الأهوازي:
أما ترى كيفَ طيبُ ذا اليومِ ... وكيفَ تجري مدامعُ الغَيمِ
وكيفَ سُرَّ الثرى بغُرّتِهِ ... وهَبَّ نَوّارُهُ من النومِ
لو أنّهُ سيمَ لاشتراهُ بنو اللهوِ ولو كانَ غاليَ السَّومِ
ونحنُ صاحونَ في صبيحتِنا ... فابعثْ إلينا بقوتِ ذا اليومِ
ابن لنكك:
إذا فُقدتْ لذاذاتُ التَّصابي ... فكا طِيبُ الحياةِ بمُستطابِ
وما تهتزُّ أغصانُ الملاهي ... إذا لمْ تُرتَشفْ مُهجُ الخوابي
لغيثكَ أنتَ للذّاتِ سُقيا ... وغيثُ المزنِ سُقيا للترابِ
وأنتَ إليهِ أحوجُ غيرَ أنّي ... كمُستهدي الخَلوقِ من القِحابِ
وأعذَرُ فالضرورةُ كلَّفتْني ... مزاحمةَ العطاشِ على الشرابِ
فما هيَ أمُّ حاجاتي، وحمْدي ... كمثلِ الحمدِ في أمِّ الكتابِ
كُشاجم:
لنا أملٌ نعتَدُّ نَيلَكَ مأمولا ... ونحسبُ من باراكَ في الفضلِ مَفضولا
لكَ الخُلقُ المعسولُ والكنَفُ الذي ... بمصطنعِ الخيراتِ أصبحَ مأهولا
وأعوزَنا اليومَ الصبوحُ فجُدْ بهِ ... يعودُ فراغي باصطناعِكَ مشغولا
وحدَّثَنا الساقي ببردِ غدائهِ ... وقدْ قيلَ في الساقي المحدِّثِ ما قيلا
آخر:
يا من أناملُهُ كالعارضِ الساري ... وفعلُهُ أبداً عارٍ من العارِ
أما ترى الثلجَ قدْ خاطَتْ يداهُ لنا ... ثوباً يَزرُّ على الدنيا بأزرارِ
نارٌ ولكنها ليستْ بمُبديةٍ ... نوراً، وماءٌ ولكنْ ليسَ بالجاري
والراحُ قدْ أعوزَتْنا في صبيحتِنا ... بيعاً ولو وزنَ دينارٍ بدينارِ
فامنُنْ بما شئتَ منْ راحٍ تكونُ لنا ... راحاً فإنّا بلا راحٍ ولا نارِ
ابن الرومي:
أبا الفضلِ ما أنتَ بالمُنصفِ ... ومثلُكَ إنْ قالَ قولاً يَفي
فإمّا بعثْتَ لنا بالمُدامِ ... وإلاّ أُخذتَ وأُدخلتَ في
حبيب:
جُعلتُ فداكَ عبدَ اللهِ عندي ... بعَقْبِ الهجرِ منهُ والبِعادِ
لهُ لُمةٌ من الكُتّابِ بِيضٌ ... قضَوْا حقَّ الزيارةِ والوِدادِ
وأحسِبُ يومَهم إنْ لم تجدْهمْ ... مُصادفَ دعوةٍ منهمْ جَمادِ
فكمْ نَوءٍ من الصهباءِ سارٍ ... وآخرَ منكَ بالمعروفِ غادِ
فهذا يستهلُّ على غليلي ... وهذا يستهلُّ على تِلادي
ويشفي ذا مَذانِبَ كلَّ عِرقٍ ... ويُترِعُ ذا قرارةَ كلَّ وادِ
دعوْتُهم عليكَ وكنتَ ممّنْ ... نُعيِّنُهُ على العُقَدِ الجِيادِ
الصنوبري:
يا سيّداً رتّبهُ هاشمٌ ... في مُستقرِّ السؤددِ الراتِبِ
ما أربي في ذهَبٍ جامدٍ ... بل أرَبي في ذهبٍ ذائبِ
آخر:
أرَقْتُ دمي فأعوزَني ... سليلُ الكرْمِ والكرَمِ
فشيء منْ دمِ العُنقو ... دِ أجعلُهُ مكانَ دمي
[الباب الثلاثون في]
[الخمارين في الجاهلية والإسلام]
[والحانات ومن كان يشرب فيها من الظرفاء والأشراف ويعتادها من الشعراء]
فمن الخمارين في الجاهلية ابن بُجرة. قال الأصمعي هو من الطائف، وكانت قريش وسائر العرب تقصده، فتشرب في حانته، وتمتار منه ما تحمله إلى أوطانها.
ومن قول أبي ذؤيب الهذلي:
فلو أنَّ ما عندَ ابنِ بُجرةَ عندَها ... من الخمرِ لم تبلُلْ فؤادي بناطِلِ
فتلكَ التي لا يذهبُ الدهرَ حُبُّها ... ولا ذكرُها ما أرزَمتْ أمُّ حائلِ
وكان من بني قريظة خمّار له حانة. وكان في جوار سلام بن مِشكم، وكان عزيزاً منيعاً. ولما انصرف أبو سفيان بن حرب من غزوة السويق نزل على سلام بن مشكم فأكرمه واحتبسه عنده ثلاثة أيام، وبعث إلى خمّار كان في جواره، فابتاع منه كل ما كان في حانته، وراح به عليه، وعلى من كان معه من قريش، فقال أبو سفيان: