وأقبلَ يذري منْ لآلي دموعِهِ ... نِثاراً بهِ الأرضُ الفضاءُ تُزخرَفُ
ويَندفُ كافوراً يطيرُ سَبيخُهُ ... ولمْ أرَ كافوراً سوى ذاكَ يُندَفُ
فمنْ غُصنٍ بالثلجِ فيها مُتوَّجٍ ... وآخرُ فيها بالجليدِ مُشَنَّفُ
الصنوبري:
الجوُّ بينَ مُضَمَّخٍ ومُضرَّج ... والروضُ بينَ مُزخرَفٍ ومُدبَّجِ
والثلجُ يهطلُ كالنثارِ فقُمْ بِنا ... نلهو بربّةِ كرْمةٍ لمْ تُمزَجِ
ضحكَ البَهارُ وبانَ حُسنُ شقائقٍ ... وزهتْ غصونُ الوردِ بينَ بنفسجِ
فكأنَّ يومكَ منْ غلائلِ فضةٍ ... والنَّورُ منْ ذهبٍ على فَيروزَجِ
[الباب السابع عشر في]
[الشرب على النيران والكوانين والشموع]
المعوّج:
اشرَبْ على النارِ في الكَوانينِ ... قد انقضَتْ مدة الرياحينِ
كأنّما النارُ والرمادُ بها ... أرضُ عقيقٍ بجَنْبِ نِسرينِ
ابن لنكك:
أعدَّ الورى للبردِ جُنداً من الصَّلى ... ولاقيتُهُ منْ بينِهمْ بجنودِ
ثلاثةُ نيرانٍ، فنارُ مُدامةٍ ... ونارُ صَباباتٍ ونارُ وَقودِ
الصنوبري:
نارُ راحٍ ونارُ خدٍّ ونارُ ... بحَشا الصبِّ بينهنّ استِعارُ
ما أبالي ما كان ذا الصيفُ عندي ... كيفَ كانَ الشتاءُ والأمطارُ
آخر:
خفقَتْ رايةُ الصباحِ وللنا ... رِ لهيبٌ كالرايةِ الحمراءِ
فاستقرّتْ تحتَ الرياحِ فخِيلَتْ ... ذهَباً تحتَ فضةٍ بيضاءِ
فأدِرْها دُرّيّةَ الكأسِ مَلأى ... من مُذابِ العقيقةِ الحمراءِ
آخر:
كأنّما النارُ والرمادُ وقدْ ... كادَ يُواري من جسمِهِ النُّورا
وردٌ جَنِيُّ القِطافِ أحمرُ قدْ ... ذَرّتْ عليهِ الأكفُّ كافورا
في الكانون:
إذا ارتمَتْ بالشَّرارِ واطَّردَتْ ... على ذُراها مَطارِدُ اللهَبِ
رأيتَ ياقوتةً مُشبّكةً ... تطيرُ عنها قُراضةُ الذهَبِ
طافَتْ بها الكأسُ وهيَ مُترعةٌ ... مُبْيَضّةُ العارِضَيْنِ بالحَبَبِ
آخر فيه:
وأزهرَ وضّاحٍ يروقُ عيونَنا ... إذا ما رميْناهُ بلَحظِ النواظرِ
لهُ أربعٌ تأبى السُّرى غيرَ أنّها ... تصافحُ وجهَ الأرضِ مثلَ المحافرِ
تُواصلُنا أيامَ للقَرّ وَصلةٌ ... وتهجرُنا أيامَ لَفحُ الهواجرِ
تُقِلُّ جُسوماً بعضُها في مُورّدٍ ... وسائرُها في مثلِ سُودِ الدَّياجِرِ
نَظمْنا كؤوسَ الراحِ في جنَباتِهِ ... نجوماً على قُطبٍ من اللهوِ دائرِ
طوالعَ فوقَ الراحِ مَثنىً وموحِداً ... غوارِبَ ما بينَ اللُّهى والحناجرِ
وفيه:
هلُمّا بكانونِنا جامحاً ... وقُولا لموقدِنا أجِّجِ
إلى أنْ نرى لهباً كالرِّيا ... ضِ ناهيكَ من منظرٍ مُبهِجِ
ومنْ عذرٍ في اخضرارِ الحري ... رِ في شُعَبِ التِّبرِ لم تُنسجِ
إذا اضطرمتَ قلتَ ريحانةٌ ... تَرنَّحُ من ريحِها السَّجْسَجِ
وتحسبُها مُسْحِياً للنُّضارِ ... حوالَيْهِ قضبان فَيروزَجِ
آخر:
سَقياً لنا وظلامُ الليلِ يكنفُنا ... ونحنُ ما بينَ نيرانٍ وأنوارِ
وللأباريقِ في الكاساتِ قهقهةٌ ... وللشموعِ أكليلٌ من النارِ
وقد عقدْنا وشاحَ اللهوِ من طربٍ ... يدورُ في فلكٍ للرقصِ دَوّارُ
كُشاجم في الفحم:
فحمٌ أنارَتْ نارُهُ ... فتضرّمتْ فيهِ حريقا
وكأنّهُ وكأنّها ... سَبَجٌ قرنْتَ بهِ عقيقا
التنوخي فيه:
فحمٌ كيومِ الفراقِ تُشعلُهُ ... نارٌ كنارِ الفراقِ في الكبِدِ
أسودُ قد صارَ تحتَ حُمرتِهِ ... مثلَ العيونِ اكتحلْنَ بالرمَدِ
آخر فيه:
وفحمٍ كأيامِ الوِصالِ فَعالُهُ ... ومنظرُهُ في العينِ يومُ صُدودِ
كأنَّ لهيبَ النارِ بينَ خلالِهِ ... بَوارقُ لاحَتْ في غمائمَ سُودِ
ابن الرومي في الشمعة:
وهَيفاءَ من نُدَماءِ الملو ... كِ صفراءَ كالعاشقِ المُدنَفِ
تَكيدُ الظلامَ كما كادَها ... فتفْنى وتُفنيهِ في مَوقفِ
الصنوبري فيها:
مجدولةٌ قامتُها ... تحكي لنا قدَّ الأَسَلْ