لمّا نزلْنا نَصَبْنا ظِلَّ أخبيةٍ ... وفارَ للقومِ باللحمِ المراجيلُ
السُّلافة
قال الأصمعي هي فُعالة، والعرب تضعها على ما يفضُل من الشيء ويؤخذ منه، كالمُجاجة لما يُمَجّ، والنُّقاوة لما يُنتقى، والسُّلافة لما يُسلف ويُقدّم من الخمر أولاً سيلاناً، كما أن الفِعالة نضعها لما يشتمل على الشيء كالعِمامة لاشتمالها على الرأس، والغِشاوة لإحاطتها بالعين، والولاية، وهو كثير. والسُّلْفة أول ما يصل إلى الفم من الطعام، والسَّلَف ما تقدّم من ثمن المبتاع، وناقةٌ سَلوف تكون أول الإبل، والسُّلاف مقدمة الجيش، وأنشد الأصمعي:
يُعقِّدُ سِحرَ البابلينَ طرفُها ... مِراراً ويسقينا سُلافاً منَ الخمرِ
كما نشأتْ في الصيفِ مُزنةُ صيِّفٍ ... فضمَّنَتِ الأكوارَ باقيةَ النشْرِ
يعقّد من عُقد السحر. قال حبيب:
.......... ... والنافثاتُ في عُقَدِهْ
النفْث التفل في عقد السحر. قال أبو نواس:
أطوفُ بدارِكْم في كلِّ يومٍ ... كأنَّ بدارِكم خُلقَ الطَّوافُ
ولولا حبُّكمْ للَزِمْتُ بيتي ... ففي بيتي لي الراحُ السُّلافُ
الزَّرَجون
قال أبو عبيد: الزرجون الخمر، وقالوا شجرتها، وقيل هو فارسي معرب وهو زَرْكون أي لون الذهب، ومثاله فَعَلول وبَرَهوت وادٍ فيه أرواح الكفار، وقَرَبوس السرج، والحَلَزون دابة في الرمث، والعَرَبون الزَّرَبون. وأما عَسَطوس الذي ذكره الخليل في شواذ الأبنية كطوبالة فليس من قبيل ما ذكرناه. وقال المأمون:
ذهبٌ في ذهبٍ يس ... عى بها غصنُ لُجينِ
فأتتْ قرّةَ عينٍ ... في يَدْ قرّةِ عينِ
قمرٌ يحملُ شمساً ... مرحباً بالزاهرَيْنِ
مرحباً بالراحِ والر ... يحانِ والرائحتين
العانِيَّة
منسوبة إلى عانات. قال أبو نواس:
........... ... من خمرِ قُطْرَبُّلٍ أو خمرِ عاناتِ
والنسبة إلى كل جمعٍ أن يُرد إلى واحده، ثم ينسب. تقول في الفرائض فَرضيّ، وفي البنات بَنَوي، وفي الصبيان صَبَوي، وإلى عانات عانيِّ، وإلى أذرِعات أذْرَعيّ، وكذلك النسبة إلى كل جمع في آخره ألف وتاء، أو واو ونون بحذف آخره. تقول في النسبة إلى مسلمين مُسلميٍّ، وأنشد أبو العباس:
إنكِ لو صاحبْتِ في المطيِّ ... لكانَ أدنى عيشِكِ الرّخيِّ
أنْ تدلكي الوجهَ بأذرَعيِّ
يخاطب امرأته يقول: لو كنت على المطي لكان أرخى عيش لك أن تنعسي نعاساً، وتستيقظي منه على رحلك الأذرعي فتدلكي به وجهك. وكذلك إلى نسبت إلى المثنى، تقول في مُسلمَيْن مُسلميٌّ، وكذلك إن جعلت الجمع والمثنى اسماً لواحداً؛ لو سميت الرجل بقولك الزيدون فقلت هذا زيديٌّ، وفي رامتين راميّ، وفي فلسطين ويبرين فِلسطيّ ويبريّ. وعلى هذا مذهب من يقول فلسطون ويبرون، فإنما أسقطوا أواخرها لأنها زيادة وقعت بمعنى فاستُغني عنها في النسب. ومع هذا لو أثبتّ لكان في الاسم رفعان ونصبان إذا قلت قلسطونيّ ويبرونيّ، وكذلك في النصب والخفض، وكما حذفوا هاء التأنيث استغناءً عنها في النسب فقالوا كوفيّ وبصريّ، وقالوا في حذف هذه الهاء إنها تجيء للتوحيد، تقول تمرة وتمر، وياء النسب تجيء للتوحيد فحذفت الهاء لئلا يجتمع حرفا معنىً بمعنىً. تقول: العربُ والعَرَك، فإذا وحّدته تقول عربيّ وعَرَكيّ، وشددوا ياء النسب فرقاً بينها وبين ياء الإضافة، وكان التخفيف أولى بها لأن التخفيف على حرف واحد، فلو شددوها لكان خلافاً. والعاني الأسير، فكأن الخمر عُنّيت أي حُبست. قال الهذلي:
............. ... وعَنَّتْها الزقاقُ وقارُها
وقال أبو نواس:
وبينا تراها في الندامى أسيرةً ... إذا قد سرَتْ فيهم فصاروا لها أسرى
وبيت أبي تمام مثله، وهو من ذوات المعاني:
وضعيفةٍ فإذا أصابتْ فرصةً ... قُتلتْ، كذلك قُدرةُ الضعفاءِ
والعَنِيّة أخلاط تُنقع في أبوال الإبل، وتُترك حيناً يُطلى بها الإبل من الجرب. قال أوس:
كأنَّ كُحَيْلاً مُعْقَداً أو عَنِيّةً ... على رَجْعِ ذِكراها من الليتِ واكِفُ