ابن المعتز، وهو من بديعه:
يا رُبَّ ليلٍ سحرٌ كلُّهُ ... مُفتضحِ البدرِ عليلِ النَّسيمْ
تلتقطُ الأنفاسُ بردَ النَّدى ... فيه فتَهديهِ لحرِّ الهمومْ
وأنشد أبو الفرج الأصفهاني لأعرابي:
وجوٍّ زاهرٍ للريحِ فيهِ ... نسيمٌ لا يَروعُ التربَ وانِ
وفسره أبو الفرج في كتاب الأغاني تفسيراً غريباً.
أنشد:
باحَ الظَّلامُ ببدرها وَوَشت ... فيها الصَّبا بمواقع القطرِ
أبو عبادة:
ورقَّ نسيمُ الروضِ حتَّى كأنَّما ... يجيء بأنفاس الأحبَّةِ نُعَّما
فما يحبسُ الرَّاحَ التي أنت خلُّها ... وما يمنعُ الأوتارَ أنْ تترنَّما
آخر:
ونسيمٍ يبشِّرُ الأرضَ بالقَطْ ... ر كذيلِ الغِلالةِ المبلولِ
ووجوهُ البلادِ تنتظرُ الغي ... ثَ انتظارَ الحبيبِ ردَّ الرَّسولِ
آخر:
يُحرِّكُ أغصانَ الرياض نسيمُها ... بمسجورةِ الأنفاس طيبةِ البردِ
أعرابي:
وما ريحُ قاعٍ عازب صَيِّبِ النَّدى ... وروضٍ من الكافور درَّتْ سحائبُهْ
فجاءَتْ سُحَيراً بين يومٍ وليلةٍ ... كما جرَّ من ذيلِ الغِلالةِ ساحبُهْ
ابن الرومي:
وأنفاسٌ كأنفاس الخُزامى ... قبيلَ الصُّبحِ بلَّتها السماءُ
تنفَّسَ نشرُها سحَراً فجاءتْ ... به سَحَريَّةُ المسرى رخاءُ
آخر:
يُهدي التنسُّمُ طيبَها لأُنوفنا ... فنظلُّ في طيبٍ ولم نتطيَّبِ
آخر:
كأنَّ حمامَ الأيكِ نشوانُ كلَّما ... ترنَّم في أغصانه وترجَّحا
ولاذَ نسيمُ الروض من طول سَيْره ... حَسيراً بأطراف الغصون مطلَّحا
إسحاق الموصلي:
يا حبَّذا ريحُ الجنوب إذا جرتْ ... في الصبحِ وهي ضعيفةُ الأنفاسِ
قدْ حُمِّلت بردَ الندى وتحمَّلتْ ... عَبَقاً من الجَثْجاث والبَسْباسِ
ماذا يَهيج من الصَّبابةِ والهوى ... للصَّبِّ بعد ذهولهِ والياسِ
ابن الرومي:
تُذكِّرني الشبابَ صباً بليل ... رسيسُ المسِّ لاغبةُ الركابِ
أتتْ من بعد ما انْسحبتْ مَليّاً ... على زَهر الرُّبا كلَّ انْسحابِ
وقد عبقتْ بها ريحُ الخُزامى ... كريح المسكِ ضُوِّعَ بانْتهابِ
[الباب الخامس عشر]
الشَّقائق
الأُخيطل الأهوازي:
هذي الشَّقائق قد أبصرتْ حمرَتها ... فوقَ السَّوادِ على أعناقها الذلُلِ
كأنَّها دمعةٌ قد غسَّلتْ كحُلاً ... جادتْ به وقفةٌ من وجنتَيْ خَجِلِ
آخر:
وشقائقٍ خجِلتْ ملاحةُ خدّه ... فلهُ التعصفُر مشفقٌ وشفيقُ
يرنو بأرقطِهِ إلى محمرِّه ... فاللَّحظُ جزعٌ والجفونُ عقيقُ
كشاجم:
أما الظَّلامُ فقد رقَّت غلائلهُ ... والصُّبحُ حين بدا بالنُّورِ يختالُ
فانظرْ بعينك أغصانَ الشَّقائق في ... فُروعها زهرٌ في الحُسن أمثالُ
من كلِّ مشرقةِ الألوانِ ناضرةٍ ... لها على الغُصن إيقادٌ وإشعالُ
حمراءَ من صبغةِ الباري بقُدرته ... مصقولةٍ لم ينلْها قطّ صقَّالُ
كأنَّها وجناتٌ أربعٌ جُمعتْ ... وكلُّ واحدةٍ في صحنِها خالُ
السروي:
جامٌ تكوَّنَ من عقيقٍ أحمر ... مُلئتْ قرارتُه بمِسك أذفرِ
خرطَ الرَّبيعُ مِثاله فأقامهُ ... بين الرياضِ على قضيبٍ أخضرِ
ترنو إليه من الجوانِب كلّها ... حدقٌ خُلقنَ من النهار الأنورِ
والرِّيحُ تتركهُ إذا هبَّتْ بهِ ... متمايلاً كالطَّافح المتكسِّرِ
فتراهُ يركعُ ثمَّ يرفعُ رأسَهُ ... مُتحيِّراً كالعاشق المتحيِّرِ
العلوي:
وعقيقٍ من الشَّقائق فيه ... سَبَجٌ حلَّ وسطَه واسْتدارا
فهو وصفاً كمثلِ زنجيَّةٍ قدْ ... لبستْ من مُعصفراتٍ إزارا
وعلى نحرِها من الوَدْعِ عقدٌ ... صارَ حولَ السوار طوْقاً مُدارا
نِيطَ بين اسوِدادِها واحمرارِ المِرْ ... طِ أعجبْ بصبغهِ كيفَ صارا
آخر:
اشربْ على وجهِ الشَّقائق خمرةً ... هي كالشَّقائق حمرةً في الكاسِ
أو ما ترى أوراقَها محمرَّةً ... في رأسِ مخضرٍّ به ميَّاسِ