ومنْ شُربٍ بلا عَصفٍ وزَمرٍ ... فإنَّ الخيلَ تشربُ بالصَّفيرِ
أنشد:
قيلَ لي: جدِّدِ اقتراحاً عليها ... فإذا كلُّ ما تغنّي اقتراحُ
ابن الرومي:
جاءَتْكَ بالنرجسِ أيامُهُ ... والراحِ فاشربْ غيرَ تَصريدِ
على سماعِ مُطربٍ نعجِبٍ ... ألذَّ من نُجحِ المواعيدِ
لا مِن خدودٍ سوَّدتْها اللِّحى ... بلْ من خدودٍ ذاتِ توريدِ
أبو نواس:
لا أرحلُ الكأسَ إلاّ أن يكونَ لها ... حادٍ بمُنتحل الأشعارِ غِرّيدُ
فاستنطِقِ العُودَ قدْ طالَ الصُّموتُ به ... لا ينطقُ اللهوُ حتى ينطقَ العُودُ
إسحاق الموصلي في مخارق أمّ ولده:
رأيتُ قِيانَ الناسِ في كلِّ بلدةٍ ... فلمْ ترَ عيني قَينةً كمخارقِ
إذا هيَ قامتْ أبهَتَ القومَ حِذقُها ... وأطرقَ إجلالاً لها كلُّ حاذِقِ
آخر:
للهِ أيامٌ خطَبْنا لِينَها ... في ظلِه بالخندريسِ السَّلسلِ
بمُدامةٍ نغمُ السماعِ خفيرها ... لا خيرَ في المَعلولِ غيرَ مُعلَّلِ
الحسن بن وهب:
وروضةٍ خِلتُ السِّماكينِ ... لها صديقينِ مُحبَّينِ
خضراءَ قد بكَّرَ نَوّارُها ... قبلَ البساتينِ بشَهرينِ
فكلّما احتاجَتْ إلى سُقيةٍ ... جادَ السِّماكانِ بنَوَّيْنِ
فأصبحتْ تضحكُ عن زاهرٍ ... يحارُ فيهِ ناظرُ العينِ
سقاهُما اللهُ لقد أصبحا ... بالروضِ تِرْبَيْنِ حَفيَّيْنِ
فغنّياني يا نديميَّ هوىً ... فأنتما خيرُ نَديمينِ
واهاً لإلفَيْنِ مُحبَّينِ ... في لُجَجِ الحُبِّ غريقَيْنِ
قد أمِنا الهجرَ وقدْ أمَّلا ... أنْ لا يُراعا الدهرَ بالبَينِ
فإنّهُ صوتٌ يُجيدانِهِ ... وأنتما خيرُ مُجيديْنِ
[الباب الرابع والعشرون في]
[المزاهر والنايات والعيدان]
[وما قيل في أصواتها]
أبو زرعة الدمشقي:
إذا أذّنَ المِضرابُ صلّتْ لكأسِنا ... أباريقُ قدْ يضحكْنَ في الخلَواتِ
ورنَّتْ على النايات أوتارُ قينةٍ ... تُشوِّقُ فتياناً إلى فتَياتِ
هل العيشُ إلا أنْ تكونَ مُدامةٌ ... يُقارفُها في الكأسِ ماءُ فُراتِ
أبو عثمان الناجم في المزمار:
وأسودَ في كفِّ مجدولةٍ ... بديعٍ لهُ خِلقةٌ مُنكَرهْ
إذا استودعَتْ سِرّها عندَهُ ... فأحسنُ ما فيهِ أنْ يُظهرِهْ
ابن المعتز:
وذاتِ نايٍ مشرقٍ وجهُها ... معشوقةِ الألحاظِ والغَنْجِ
كأنّها تلثُم طفلاً لها ... زنَتْ بهِ من ولدِ الزِّنجِ
ابن المعذّل:
وإنَّ خيرَ هدايا ال ... أسماعِ للأرواحِ
عود وناي وحلْقٌ ... وغايةُ الإصلاحِ
حجظة في العُود:
وعُودٍ يَهيجُ الشَّجوَ طِيبُ رَنينِهِ ... فصيحٍ بما استنطقْتَهُ وهْوَ أخرسُ
إذا أوحَتِ اليمنى إليهِ ووسوسَتْ ... أبانَتْ لهُ اليسرى بماذا يُوسوسُ
عكاشة فيه:
من كفِّ جاريةٍ كأنَّ بِنانَها ... من فضّةٍ قد قُمّعتْ عُنّابا
وكأنَّ يُمناها وقدْ ضربَتْ بها ... ألقتْ على يدِها الشمالِ حِسابا
البسامي:
وكأنّهُ في حِجرها ولدٌ لها ... ضمّتْهُ بينَ ترائبٍ ولَبانِ
طوراً تُدغدغُ بطنَهُ فإذا هفا ... عركَتْ أذُناً منَ الآذانِ
أنشد في العود:
ومُفوَّهٍ ذَربٍ بغيرِ لسانِ ... في نُطقِهِ فرَجٌ من الأحزانِ
ملِكُ الملاهي غيرَ أنَّ طِباعَهُ ... من أربع كطبائعِ الإنسانِ
فالزِّيرُ أوّلُها كأنَّ حنينَهُ ... شكوى المحبِّ ونشوةُ السَّكرانِ
والمَثنيانِ فضاحكٌ مُتلاعبٌ ... بملامةٍ عبثتْ بهِ الكفّانِ
والمِثلثُ المحزونُ قد ألِفَ البُكا ... مُتذابلاً كتذابُلِ الحَيرانِ
واليمُّ يخفضُ صوتَهُ فكأنّهُ ... نِضوٌ تأوَّهَ من أذى الهِجرانِ
فانظُرْ إلى الأضدادِ كيفَ تألَّفَتْ ... بالطبعِ مثلَ طبائعِ الإنسانِ
أبو مالك الأعرج:
ومعملةٍ نواطقَ من كِرانٍ ... لمعشوقٍ من البِيضِ الرقاقِ
إذا غنّتْ قديماً أو حديثاً ... فما للجيبِ منْ كفّيكَ واقِ
آخر: