للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يهذي فواتاً ساعةً ... وساعةً يعتلجُ

ليسَ على العاشقِ في ... حِلّةِ هذا حرَجُ

أبو نواس:

وكأسٍ كمصباحِ السماءِ شربتُها ... على قبلةٍ أو موعدٍ بلقاءِ

أتَتْ دونَها الأيامُ حتى كأنها ... تَساقُطُ نَوْرٍ من فُتوقِ سَماءِ

أخذه من قول جرير:

تُجري السِّواكَ على أغرَّ كأنّهُ ... برَدٌ تَحدَّرَ من مُتونِ غَمامِ

آخر:

وكأسٍ سبَتها التَّجرُ من أرضِ بابلٍ ... كرِقّةِ ماءِ الدمعِ في الأعينِ النُّجلِ

كأنَّ بقايا ما عفا من حَبابِها ... عيونُ الدُّبا من تحتِ أجنحةِ النملِ

وشُجّت فقالت بالمزاج فأُبرزَتْ ... كألسنةِ الحيّاتِ خافَتْ من القَتْلِ

ابن الرومي:

أبصرتُهُ والكأسُ بينَ فمٍ ... منهُ وبينَ أناملٍ خمسِ

فكأنّهُ والكأسُ في فمِهِ ... قمرٌ يُقبِّلُ عارضَ الشمسِ

الصنوبري:

إلاّ تَقُمْ تُشعِلِ السراجَ فقُمْ ... بشُعلةٍ في إنائِها تُسْرَجْ

ما زوَّجَ الماءُ بنتَ عاشرةٍ ... أرقَّ منها في العينِ أو أبهجْ

آخر:

تغشى بياضَ عينِ شاربِها ... فتخالها بيمينِ مُختضِبِ

دارَتْ وعينُ الشمسِ غائبةٌ ... فحسبْتُ عينَ الشمسِ لم تغِبِ

التنوخي:

باتَ يسقيني وأحسو ... ذهباً للهَمِّ مُذهِبْ

وردةً ضاحكةً عنْ ... أقحوان حين يٌقطَبْ

لو أدرْناها على مَيْتٍ لكادَ الميتُ يطرَبْ

صُبِّبَتْ في الكأسِ منها ... كالشُّعاعِ المُتصوِّبْ

أبو نواس:

وكأسٍ كفَتقِ الصُّبحِ باتَتْ تَرُوقُني ... على وجهِ معبودِ الجمالِ رخيمِ

إذا قُلتُ علِّلْني بريقِكَ أقبلَتْ ... مراشفُهُ حتى يُصبْن صَميمي

المتنبي:

سقَتْني بها القُطْرُبُّليَّ مَليحةٌ ... على كاذبٍ من وعدِها ضوءُ صادقِ

سُهادٌ لأجفانٍ لناظرٍ ... وسُقمٌ لأبدانٍ ومِسكٌ لناشقِ

وأغيدُ يهوى نفسَهُ كلُّ عاقلٍ ... أديبٍ ويهوى جسمَهُ كلُّ فاسِقِ

يُحدِّثُ عمّا بينَ عادٍ وبينَهُ ... وصُدغاهُ في خَدَّيْ غلامٍ مُراهقِ

أديبٌ إذا ما جَسَّ أوتارَ مِزهَرٍ ... بلا كلِّ سَمعٍ عن سواه بعائقِ

أبو عبادة:

ألا ربّما كأسٍ سقاني سُلافَها ... رَهيفُ التَثَنّي أوضحُ الثغرِ أشنَبُ

إذا أخذَتْ أطرافُهُ ضوءَ نارها ... رأيتَ اللجينَ بالمُدامةِ يُذهَبُ

كأنَّ بعينيهِ الذي جاءَ حاملاً ... بكفّيهِ منْ ناجودِها حينَ تُقطَبُ

لأسرعَ في عقلي الذي بِتُّ مَوْهناً ... أرى من قريبٍ لا الذي كنتُ أشربُ

أبو الشيص:

يطوفُ علينا بها أحْوَرُ ... يداهُ من الكأسِ مخضوبتانِ

غزالٌ تَميس بأعطافِهِ ... قَناةٌ تعطَّفُ كالخَيزرانِ

آخر:

وصفراءَ قبلَ المزجِ بيضاءَ بعدَهُ ... كأنّ شعاعَ الشمسِ يلقاك دونَها

ترى العينَ تستعفيكَ من لمعانِها ... وتَحسُرُ حتى ما تُقِلُّ جفونَها

البسامي:

ذُدْ بماءِ العينِ والعنبِ ... خَطراتِ الهمِّ والنُّوَبِ

قهوةً لو أنّها نَطقَتْ ... ذكرَتْ ساماً أبا العرَبْ

وهيَ تكسو كفَّ شاربِها ... دِستباناتٍ من الذهَبِ

أبو نواس:

إذا عَبَّ فيها شاربُ القومِ خِلتَهُ ... يُقبّلُ في داجٍ من الليلِ كوكبا

يرى حيثُما كانتْ من البيتِ مشرِقاً ... وما لم يكن فيهِ من البيتِ مغرِبا

أخذه من قول الخليع:

كأنّما نُصْبَ كأسِهم قمرٌ ... يكرعُ في بعضِ أنجمِ الفلَكِ

آخر هو أبو نواس:

وكأنَّ شاربَها لفرطِ شعاعِها ... بالليلِ يكرعُ في سنا مقباسِ

وألذُّ من إنعامِ قُبلةِ عاشقٍ ... وافَتْهُ بعدَ تمنُّعٍ وشِماسِ

أبو نواس:

قال ابغني المصباحَ قلتُ لهُ اتَّئِدْ ... حسبي وحسبُكَ ضوءُها مِصباحا

فسكبْتُ منها في الزجاجةِ شَربةً ... كانتْ لهُ حتى الصباحِ صَباحا

وخَمريّاتُ أبو نواسٍ ونُعوتُها في جملة الشعر كالقرحة في جبهة الأدهم، والرُّقمة في ذراع الحمار، والشامة في الجلد.

[الباب الثاني عشر في]

[الشرب واستطابته]

وتغنم السرور واستدفاع الغم به

<<  <   >  >>