أُجلُّ عن اللئيمِ الكأسَ حتى ... كأنَّ الخمرَ تعصر منْ عظامي
وأسقيها من الفتيانِ مِثلي ... فنختارُ الكريمةَ للكرامِ
أبو نواس:
وخَرْقٍ يُجِلُّ الكأسَ عن منطقِ الخَنا ... ويُنزلُها منهُ بكلِّ مكانِ
تراهُ لما شاءَ النُّدامى ابنَ علّةٍ ... وللشيءِ لذّوهُ رضيعَ لِبانِ
ابن المعذّل:
انعَمْ صَبوحَكَ واصطبحْ ... صهباءَ كالكافورِ رَيّا
تحكي شموساً في الكؤو ... سِ وتارةً ورداً جنيّا
لا تشربَنَّ معَ اللئي ... مِ فلستَ تشربُها هنيّا
لا تنكحَنَّ كريمةٌ ... إلاّ الكريمَ الأريحيّا
أبو نواس:
شُققْتُ من الصبا واشتُقَّ منّي ... كما اشتُقَّتْ من الكَرْمِ الكُرومُ
فلستُ أُسوِّفُ اللذاتِ منّي ... مُناومةً كما دفعَ الغيرمُ
أخذه من قول العرب:
هذا ورُبَّ مسوِّفين صبَحتُهم ... من خمرِ بابلَ لذةٍ للشاربِ
المخزومي:
ولا تسقِ المُدامَ فتىً لئيماً ... فإنّي لا أحلّكَ للئيمِ
لأنَّ الكرْمَ من كرَمٍ وجودٍ ... وماءَ الكرْمِ للرجلِ الكريمِ
حسان بن ثابت:
للهِ درُّ عصابةٍ نادمتُها ... يوماً بجلّقَ في الزمانِ الأولِ
بيضُ الوجوهِ كريمةٌ أحسابُها ... شُمُّ الأنوفِ منَ الطِّرازِ الأوّلِ
أبو هفّان:
آخِ الكريمِ على المُدامِ يزيدُها ... طِيباً على الطّيبِ الذي هو فيها
راحٌ كأنَّ مزاجَها منْ مائِها ... بتلهُّبٍ في كأسِها يُغريها
هزَّتْ بسَورتِها الرؤوسَ وإنّها ... لتغادرُ الرجلَ الحليمَ سَفيها
علي بن الجهم:
تراضَعوا درّةَ الصهباءِ بينهم ... فأوْجبوا لرضيعِ الكأسِ ما يجبُ
لا يحفظونَ على السَّكرانِ زلَّتَهُ ... ولا يُريبُكَ منْ أخلاقِهمْ رِيَبُ
سعيد بن حميد:
وإننا قدْ رضعْنا الكأسَ دَرَّتَها ... والكأسُ درَّتُها حظٌّ من النَّسبِ
أبو نواس:
والراحُ طيبةٌ وليسَ تمامُها ... إلاّ بطيبِ خلائقِ الجُلاّسِ
المُفجَّع:
رُبَّ ليلٍ نعمْتُ فيهِ كأنّي ... في جَنى جنّتيْنِ: عدنٍ وخُلدِ
أجتَليها حمراءَ صافيةَ اللوْ ... نِ ولكنْ لها مذاقةُ شَهدِ
لكرامٍ لم يعرفوا هُجْرَ قولٍ ... لا ولا استشعروا دفينةَ حِقدِ
ومُصافينَ للقريبِ مُراعي ... نَ لغِيبِ البعيدِ عن حُسنِ عهدِ
بينَ نايٍ ومِزهرٍ وقِيانٍ ... مُرهِجاتٍ في حومةِ الدَّستبْندِ
نتعاطى الكؤوسَ طلقاً حلالاً ... قسمة اللهوِ بينَ زوجٍ وفردِ
ونجومُ السماءِ منظومُ دُرٍّ ... فوقَ صحنٍ من صِبغةِ اللازوردِ
وقُميرُ السما بدا بناحيةِ الشَّر ... قِ كحدِّ الحسامِ من جوفِ غِمْدِ
مسرور الهندي:
وإذا مجلسٌ تضمَّنَ شُرباً ... واستحثُّوا منَ المُدامِ كؤوسا
ذكروا منكَ أنّهم عدموا ال ... عنبرَ غضاً لديهم ويبيسا
كرمُ الخُلقِ والخلائقِ والنَّف ... سِ فحيّا بذا الجليسُ جَليسا
[الباب الثاني والعشرون في]
[الندمان]
أنشد هذه الأبيات لمسلم بن مهزم بن خالد العنبري:
نفسي فداءُ نَديمٍ بات يُسعدُني ... ليلاً على قبضِ أرواحِ الأباريقِ
ما زلتُ أشربُها صِرفاً ويشربُها ... حتى بدا الصبحُ مُبيضَّ الحَماليقِ
ابن المعتز:
نبّهْتُ نَدماني فَهَبّا ... طَرِباً إلى كأسي وكَبّا
نشوانَ يحكي ميلُهُ ... غصناً بأيدي الريحِ رَطْبا
ما زالَ يصرعُهُ الكرى ... وأذُبُّ عنهُ النومَ ذَبّا
وسقيتُهُ كأساً على ... مرضِ الخُمارِ فما تأبّى
والليلُ مُشمَطُ الذُّرا ... والصبحُ حينَ حَبا وشَبّا
آخر هو المغيرة بن شعبة:
لأنَّ أميرَ المؤمنينَ يسوءُهُ ... تنادمُنا في الجَوسَقِ المُتهدِّمِ
فإنْ كنتَ نَدماني فبالأكبرِ اسقِني ... ولا تسقني بالأصغرِ المُتلثِّمِ
أبو نواس:
نبِّهْ نديمَكَ قد نعِسْ ... يسقيكَ كأساً في الغلَسْ
صِرفاً كأنَّ شعاعَها ... في كفِّ شاربِها قبَسْ
مما تَخيَّرَ كرمَها ... كِسرى بعانةَ واغترَسْ