إذا ما نَديمي علَّني ثمَّ علَّني ... ثلاثُ زُجاجاتٍ لهنَّ هَديرُ
خرجتُ أجرُّ الذيلَ منّي كأنّني ... عليكَ أميرَ المؤمنينَ أميرُ
اليعقوبي:
تناولتُها والليلُ وَحْفٌ جناحُهُ ... بسجفٍ من الظلماءِ في الأرضِ مُسبَلُ
موردةً لا الوردُ يعطيكَ لونَها ... ولا الدمُ من أوداجِ أدماءَ مُغزِلِ
ومنطقةَ الجوزاءِ شدّتْ بخصرِها ... نجوماً كحبّاتِ الجُمانِ المُفصَّلِ
وفي الأفقِ الغربيِّ مسائلةُ الطُّلى ... نجومُ ثُريّاها كقُرطٍ مُسلسَلِ
أُشاربُهنَّ الكأسَ مَلأى رَويّةً ... لِهمِّ الخليّ الخالعِ المُتغزِّلِ
تَسورُ حُميّاها إلى الرأسِ عَنوةً ... وتَسري دبيبَ السمِّ في كلِّ مَفْصِلِ
[الباب السابع]
[صفرتها]
أنشد:
وصفراءَ منْ ماءِ الكرومِ شربتُها ... على وجهِ صفراءِ الترائبِ غَضَّةِ
تَبدتْ وفضلُ الكأسِ يلمعُ فوقَها ... كأُتْرجَّةٍ زينَتْ بإكليلِ فِضَّةِ
ابن المعتز:
وزعفرانيّةٍ في اللونِ تحسَبُها ... إذا تأمّلتَها في ثوبِ كافورِ
كأنَّ حَبَّ سَقيطِ الطَّلِّ بينهما ... دمعٌ تحدَّرَ منْ أجفانِ مهجورِ
الأخيطل الأهوازي:
وعاتقٍ شابَ مَفرِقاها ... لمْ تَدرِ ما الليلُ والنهارُ
أذابَ أجزاءَها الليالي ... فطارَ من نارِها الشرارُ
ثمَّ اجتلاها السقاةُ صَفواً ... تَحوزهُ الأعينُ النضارُ
تَخالُ في وجهِها اصفراراً ... وهوَ على الأوجهِ احمرارُ
أخذ البيت الثالث من قول أبي تمام:
وغدوتُ تخطوني العيونُ ضُؤولةً ... منْ بعدِ أبّهةٍ لديكِ وخالِ
العلوي:
ومُدامةٍ يسعى بها ... رَشاً أغنُّ المُنتطَقْ
تحكي غُلالةَ خدِّهِ ... بلْ خدُّهُ منها أرقْ
ذهبيةٍ في كأسِها ... كالشمسِ تهوي في الأفقْ
ابن المعذّل:
مُعتّقةً شمسُ الظهائرِ لاذُها ... تغادرُها في لونِ شمسِ الأصائلِ
كأنَّ عليها من أكاليلِ مزجِها ... بقايا نجومٍ طالعٍ وأوافِلِ
تجرُّ ذيولاً من تلالي شعاعِها ... كأنَّ عليها صافياتِ الغلائلِ
أبو السمط مروان:
ألا عاطِني صفراءَ أو ذهبيّةً ... تجورُ على الندمانِ جَوراً بلا قصْدِ
تردُّ خَلِيَّ القلبِ يذكرُ ما مضى ... وتقدحُ زندَ الحُبِّ في الحجرِ الصلدِ
ويهتزُّ عودُ العيشِ أخضرَ ناضراً ... ويبتلُّ جلدُ الأشيبِ القاحلِ الجَلْدِ
ووَرسيّةٌ في كأسِها ذهبيّةٌ ... ولكنّها ورديةُ اللونِ في الخدِّ
[الباب الثامن]
[رائحتها]
أبو نواس:
ومُقعَدٍ قومٍ قد مضى من شرابِنا ... وأعمى سقَيْناهُ ثلاثاً فأبصرا
وأخرسَ لم ينطِقْ ثلاثينَ حجّةً ... أدَرْنا عليهِ الكأسَ يوماً فهَمَّرا
شراباً كأنَّ العنبرَ الوردَ نُشْرُهُ ... ومسحوقَ هِنديٍّ من المِسكِ أذفَرا
من القِرَباتِ القُرِّ من أرضِ بابلٍ ... إذا شمَّها الحانيُّ في الدارِ كبَّرا
ابن الرومي:
تَلقاكَ في رِقّةِ الشرابِ وفي ... نشرِ الخُزامى وحُمرةِ الشَّفَقِ
لهُ صَريحٌ كأنّهُ ذهبٌ ... ورغوةٌ كاللآلئِ النَّسَقِ
الحسن بن وهب:
وقهوةٍ صافيةٍ ... كالمِسكِ لمّا نَفحا
شربْتُ من دِنانِها ... من كلِّ دَنٍّ قَدحا
فَعُدتُ لا تحملُني ... أعوادُ سَرجي مرَحا
من شدّةِ الكِبْرِ الذي ... على فؤادي طفَحا
أبو نواس:
وشمطاءَ حلَّ الدهرُ منها بنَجوةٍ ... دلفْتُ إليها فانتزعتُ حَنينَها
كأنَّا حُلولٌ بينَ أكنافِ روضةٍ ... إذا ما سلبْناها منَ الليلِ طينَها
السروي:
وورديةٍ مِسكيّةٍ في نسيمِها ... أُبيحَتْ لنا والنجمُ في الأفقِ راكِضُ
عطفْتُ عليها والصباحُ مُسرَّبٌ ... سَراياهُ في الظلماءِ والليلُ ناهضُ
ومُكِّنتِ الكاساتُ منها كمثلِ ما ... تمكّنُ مِن وردِ الخدودِ العَوارضُ
أبو نواس:
جاءَتْ بجامتِها من بيتِ خَمّارِ ... رُوحٌ من الخمرِ في جسمٍ من القارِ