للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَرهْرهةٌ رَخصةٌ رُؤدةٌ ... كخُرعوبةٍ البانةِ المنفطرْ

وهم يوردون الاسم المذكر مخبراً عنه بالتأنيث. قال:

وأنتَ لمّا ظهرتَ أشرقَتِ ال ... أرضُ، وضاءتْ لنورِك الأفقُ

أنّث الأفق لأنه يريد به الناحية. كما يذكرون المؤنث مخبراً عنه بالتذكير، قال الله تعالى: " السماء منفطرٌ به " قالوا: المعنى السقف، والله أعلم. قال امرؤ القيس:

........... ... كخرعوبة البانةِ المنفطرْ

أي الغصن، أما قول الشاعر:

أكثرُ ما أسمعُ منها بالسّحرْ ... تذكيرُها الأنثى وتأنيثُ الذكرْ

والسَّوءةُ السواءُ في ذِكرِ القمرْ

فليس من هذا القبيل، وإنما يصف امرأةً لثغاء تُدخل بعض الكلام في بعض.

وقال أبو نواس:

أهيفُ، إن قلتُ: يا فديتُك، قُلْ ... موسى، يَقلْ من رُطونة: موثى

محتلقٌ فاترُ الشمائلِ قد ... خالط منه المجونُ تخنيثا

وأنشد الباهلي في الأبيات:

وما ذكرٌ فإن يكبرْ فأنثى ... شديدُ الأزمِ ليس له ضُروسُ

يريد القراد، وهو ذكر، ثم يسمى إذا كبر حَلَمةً وحَمْنانةً.

وأخبرني أبو الفتح عثمان بن جني بالموصل أنهم لم يقولوا في صفات الله عز وجل علامةً لأن الهاء مشهورة عندهم بعلم التأنيث، وهي إخبار عن قلة الدوام والثبات. قال النمر:

وكلُّ خليلٍ عليهِ الرّعاث ... والحُبُلات كذوبٌ مَلِق

وقال آخر

وإن حلفتُ لا النأيُ ينقضُ عهدَها ... فليس لمخضوب البنانِ يمينُ

وقال المتنبي:

أبداً تستردُّ ما تَهب الدنيا ... فيا ليتَ جودَها كان بُخلا

فكفتْ فرحة تورثُ الغمَّ ... وخلٌّ يغادرُ الوجدَ خلاّ

شِيمُ الغانيات فيها فلا أد ... ري لذا أنَّثَ اسمها الناسُ أمْ لا

أبو العباس يقول: إنهم أرادوا به الداهية، وقد تكون الهاء داخلة للمبالغة والتوكيد كنسّابة ومِطْرابة ولُجَجة.

الخمر:

<<  <   >  >>