جَلَّ مابي حتى لَقد عَلِمَ النا ... سُ بأني أطقْتُ غيرَ المُطاقِ
مَنْ عَذيري مِمَّنْ به ظَلَّ عِشْقي ... مَثَلاً بين سائرِ العُشَّاقِ
حاز رِقِّي بِوردِ خدَّيْهِ لمَّا ... أنْ بدا في مُوَرَّداتٍ رِقاقِ
[الباب الخامس والعشرون]
[العناق وطيبه]
قال الحسين بن الضحاك:
ومُوشَّحٍ نازعتُ فَضلَ وِشاحِهِ ... وكَسوتُه من ساعِدَيَّ وِشاحا
باتَ الغيورُ يشُقُّ جِلدةَ خدّهِ ... وأمال أعطافاً عليَّ مِلاحا
ابن المعتز:
ما أقصرَ الليلَ على الراقِدِ ... وأهونَ السُقْمَ على العائدِ
يَفْديكَ ما أبقيتَ مِن مُهجتي ... لستُ لِما أوليتَ بالجاحِدِ
كأنَّني عانقتُ رَيْحانةً ... تنفَّست في ليلِها الباردِ
فلو تَرانا في قميص الدُّجى ... حَسِبْتَنا من جسدٍ واحدِ
ذو الرمة:
هَضيمُ الحشا يَثْني الذِّراعَ ضَجِيعُها ... على جيدِ أدماء المُقَلَّدِ مُغْزِلِ
تُعاطيه تاراتٍ إذا جِيد جَوْدَةً ... رُضاباً كطعمِ الزَّنجبيلِ المُعَسَّلِ
رَشيفَ الهِجانيْن الصَّفا رَقْرقَتْ بهِ ... على ظَهْر صَمْدٍ بَغْشةٌ لم تَزَيَّلِ
الصمد: المكان الصلب. والبغش: المطر الضعيف.
عَقِيلةُ أترابٍ كأنَّ بعينِها ... إذا استيْقَظَت كُحْلاً، وإن لَمْ تَكَحَّلِ
الصولي:
طالَ عُمْرُ الليلِ عندي ... إذ تَوَلَّعْتَ بِصدِّي
يا ظَلوُماً نقضَ العهدَ ولم يُوفِ بِوعْدِ
أنَسِيتَ الوصلَ إذ بِتنا على مَرْقَدِ وَردِ
واعتَنَقْنا كوِشاحٍ ... وانتَظَمْنا نَظْمَ عِقْدِ
وتعطفنا كغُصْنيْنِ فقدّانا كَقَدِّ
جادَ خدَّاكَ بوردٍ ... لِيَ والنشْر بِنَدِّ
وَثَناياكَ بِرَاحٍ ... وبمسكٍ وبِشَهْدِ
وَجناحُ اللَّيْلِ وَحْفٌ ... مِثلَ شَعْرٍ منكَ جَعْدِ
ونُجومُ الليلِ تَحْكي ... ذَهَباً في لازَوَرْدِ
ابن المعتز:
فَقُلْ في مكرعٍ عَذْبٍ ... وقد وَافاه عَطْشانُ
وَضَمٍ لم يكن يحسنهُ للريح أغصانُ
كما ضَمَّ غريقٌ سا ... بحاً والماءُ طُوفانُ
ابن المعذل:
أقولُ وجنُحُ الدُجى مُلْبِدٌ ... ولليلِ في كُلِّ فَجٍّ يَدُ
ونحنُ ضَجيعانِ في مِجْسَدٍ ... فَلِلَّهِ ما ضَمِنَ المِجْسَدُ
أيا غَدُ إنْ كنتَ لي مُحْسِناً ... فلا تَدْنُ من ليلتي يا غدُ
وياليلةَ الوصلِ لا تَنْفَدِي ... كما ليلةُ الهجرِ لا تَنْفَدُ
المعوج:
ثلاثةٌ منَعتْها من زيارَتِنا، ... وَقد طوى الليلُ جَفْنَ الكاشِح الحَنِقِ
ضَوْءُ الجبينِ، وَوَسْواسُ الحُلِيِّ وما ... يفوحُ من عرقٍ كالعَنْبرِ لععبق
هَبِ الجبينَ بفَضْلِ الكُمِّ تستُرُهُ ... والحَلْيَ تَنزِعُه ماحِيلةُ العَرقِ
أبو عبادة:
وزارتْ على عجلٍ فاكْتسى ... لِزَوْرتِها أبْرَقُ الحَزْنِ طِيبا
فكانَ العبيرُ بها واشياً ... وجَرْسُ الحُلِيِّ عليها رَقيبا
ولم أنسَ لُقْيتَنا للعِنا ... قِ ولفَّ الصَّبا بقضيبٍ قَضِيبا
ابن المعتز:
وَكَمْ عِناقٍ لنا وكم قُبَلٍ ... مُخْتَلَساتٍ حِذارَ مُرْتقِبِ
نَقْرَ العصافيرِ، وهي خائفةٌ ... مِن النواطيرِ، يانِعَ الرُطَبِ
ديك الجن:
ومجدولةٍ أمَّا مَلاثُ إِزارها ... فَدِعصٌ، وأمَّا قَدُّها فَقَضِيبُ
لها القَمرُ الساري شَقِيقُ، وإنَها ... لَتَطلُعُ، أحياناً، له فَيَغِيبُ
أقولُ لها، والليلُ مُلْقٍ سُدُولَه ... وغُصنُ الهوى غَضُّ الشبابِ رَطِيبُ
ونحن، معاً فردانِ في ثِنْيِ مِئْزرٍ: ... بِكِ العيشُ، يازينَ النساءِ، يطيبُ
لأنْتِ المُنى يازْينَ من وَطِئَ الحصا ... وأنتِ الهوى أُدعى له فأُجيبُ
وأنشد:
لَمْ أُلْفِها بيدِي إذ بِتُّ أَلثُمها ... إلاَّ تطاوَلَ غُصنُ الجِيد للجيدِ
كما تَطَاعَمَ في خَضْراءَ ناعمةٍ ... مُطَوَّقانِ أصاخا بعدَ تغريدِ
ومنه أخذ أبو تمام قوله:
وإذا خلا بِعتابِ صاحِبَةٍ ... عجْماءَ في الساحات والرَّحَبِ