للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قُضبانُ آسٍ لُويتْ ... بخُضرةٍ أعطافُها

تبزل عن ديباجة ... مونَقَةٍ أفوافُها

منصوبةٌ أوراقُها ... مُرهفةٌ أطرافُها

كأصبعٍ داعيةٍ ... من شدَّةٍ تخافُها

وكتب الخبزأرزي إلى صديق أهدى إليه آساً وورداً:

أبدعتَ في كلِّ المكارمِ سابقاً ... حتَّى لقد أبدعتَ في إهدائكا

أتحفْتني بالوردِ قبلَ أوانهِ ... في قضبِ آس غضَّةٍ كإخائكا

فالوردُ عن نَفَحات ودِّكَ مخبرٌ ... والآسُ يخبرُ عن دوامِ وفائكا

فاسلمْ ونشرُ الرَّوضِ حسنُ ثنائكا ... واعمرْ وعمرُ الآسِ طولُ بقائكا

[الباب الثاني والثلاثون]

اللَّيْنَوْفَر

أنشد:

وبركةٍ حُفَّتْ بلَيْنَوْفَرٍ ... ألوانهُ بالحسنِ مَنعوتهْ

نهارُه ينظرُ من مقلةٍ ... ساجيةِ الألحاظِ مَبهوتهْ

وإنْ بدا اللَّيلُ فأجفانهُ ... في لُجَّة البركةِ مسبوتَهْ

كأنَّما كلُّ قضيبٍ لهُ ... يحملُ في أعلاهُ ياقوتهْ

التنوخي:

خُذها إليكَ من الغزال الأحورِ ... يحكي تنسُّمُها نسيمَ العنبرِ

أهدى السُّرورَ غداةَ أهدى شادنٌ ... طرباً إليكَ تحيَّةَ اللَّيْنَوْفَرِ

متوسِّطاً في لونه مُتعصفِراً ... أحسنْ بمنظرهِ وطيبِ المخبرِ

أضحى يغارُ على مَلاحة حُسنه ... فيظلُّ يستُرُها وإنْ لمْ تُسترِ

ينضمُّ ضمَّ العاشقيْنِ تلاقياً ... من بعدِ طول تفرُّقٍ وتحسُّرِ

وإذا تفتَّحَ مُكرَهاً أبدى لنا ... لوناً يمثَّلُ في فُصوص الجوهرِ

وكأنَّما أوراقُه مَصقولةً ... شققُ الحرير التستَريِّ الأخضرِ

ونِحالُه الراؤونَ نجماً ساطعاً ... لبسَ الحدادَ على فراقِ المشتري

ألِفَ المياهَ تشاكُلاً بلقائهِ ... فمتى يُفارقْ شكلَه لم يُبصرِ

فيعومُ طوراً ثمَّ يرفعُ رأسَه ... بتَجَنُّبٍ وتأوُّدٍ وتكسُّرِ

[الباب الثالث والثلاثون]

الزَّعفران

أنشد:

ألقى القناعَ وماطَ النقبَ من ذهب ... مثلَ القبائل شتَّى قُمنَ في نسقِ

كأنَّه ألسنُ الحيَّات قد شُدِختْ ... رؤوسُها فاكتستْ من حُمرة العَلَقِ

من لابسٍ حُمرةً من وجهِ ذي خجلٍ ... ولابسٍ صفرةً من وجهِ ذي فَرَقِ

الباداني:

ووردُ الزَّعفران أرادَ يَحكي ... صَبايا قد بكرْن على احتشامِ

طوالعَ من خلالِ الأرض حُمّاً ... كما طلعَ النصالُ من السِّهامِ

حَبالى بالثَّلاث وهنَّ أيمٌ ... ولم تُنكحْ بحلٍّ أوْ حرامِ

كتخطيفِ المطرَّزِ في كمامٍ ... بلامٍ ثمَّ لامٍ ثمَّ لامِ

وقال غيره:

وكأنَّ وردَ الزَّعفران مَضاحِكٌ ... قد جمَّعتْ لَعَس المُقبَّلِ واللَّمى

أوْ أنصلٌ فوقَ التُّرابِ شريدةٌ ... قد فارقتْ بعد الرِّمايةِ أسهُما

آخر:

والزَّعفرانُ الغضُّ أبدى لنا ... إبريسماً طاقاتُهُ تُنشرُ

حُمراً وصُفراً في تراكيبها ... كأنَّها تَخجلُ أو تُذعرُ

الرقي:

بدا الزَّعفرانُ لدى روضةٍ ... فظلَّ النَّسيمُ بها ينسِمُ

فأوراقُهُ مُصمَتٌ أزرقٌ ... وطاقاتهُ فيه إبْريسِمُ

[الباب الرابع والثلاثون]

مشموم الطّيب

وما تستعمله العرب، وتنفرد به العجم؛ والكلام في مفرده ومركبّه، ومخلوقه ومصنوعه، وجامده وذائبه، ومتماسكه ومائعه، وما كانت صمغ شجر ينتفض، أوْ عرق عود ييبس، أوْ قذف حيوان يقلِس، أوْ طفاوة بحر تزفر، أوْ معروف المنبت أوْ مجهول المعدن؛ واشتقاق مشهوره، وإيراد ما صرَّفته الشعراء من معانيه وتشبيهاته. والله الميسِّر للمراد، وبه الحول والقوة.

[المسك]

فالمسك سمِّي مسكاً لأنه يمسكه الغزال في سرَّته. والميم والسين والكاف تضعها العرب على حبس الشيء وارتباطه والمنع من استرساله وتساقطه. والمساكة البخل وحبس المال. ورجل مسيك. والمَسك: الجلد لإمساكه ما فيه. والمأسوكة: التي أخطأت خافضتها فأصابت من مسكها غير موضع الخفض. والمَسَكة سوار من قرن أو عاج لتماسكه. قال أبو وجزة يصف الحمير في وردها الماء، وهو من نادر تشبيهات العرب:

<<  <   >  >>