ولا يَئِطُّ بأيدي الخالقينَ ولا ... أيدي الخوالقِ إلاّ جيّدُ الأدمِ
وأنشد أبو العباس أحمد بن يحيى في الأبيات:
وقد أزرى الخوالقُ بالفواري ... وقدْ وقعَ الغبوقُ على الصَّبوحِ
وأمّا مصطار فإن أصله مُصَتيَّر فقُلبت تاء مفتعل طاء، لأن التاء لينة المخرج، فلم توافق الصاد لشدة مخرجها، وأُبدلت طاءً فاتفقا، وكان أخف على اللسان، وأعذب في اللفظ، وللصاد أخوات يتغير بناء الأفعال عندها، وهن الدال والذال والطاء والزاي. وهن في الصلابة والإشباع كالصاد، ومثله مُصطَبر، وأصله مُصْتَبَر ومُطَّلَب مثله. فإذا خلا الحرف من هذه الحروف بقي على حاله مثل مستار، أصله مُستَيرٌ. قال أبو وجزة:
أشكو إلى الله العزيزِ الجبارْ ... ثمَّ إليكَ اليومَ بُعدَ المُستارْ
وحاجةَ الحيِّ وقطَّ الأسعارْ
واخترت الشيء فهو مُختار وأنا مختار، ويتبين الفاعل من المفعول بقرينة، قال الراجز:
بحسبِ مُجتلِّ الإماءِ الخُرَّمِ
هو مُجْتَلِلل، من اجتلَّ البعر أي لقطه، فأدغم إحدى اللامَين في الأخرى؛ وقال في المُصطار وتحوِّلها إلى الحموضة: عفص
سقَوْني من المُصطارِ كأساً نَسيمُها ... عصارةُ خَرنوبٍ ومشربُها عَفصُ
وتصغير المصطار مُصيِّر لأن الحرف خماسي بزيادتين، وهما الميم والطاء المنقلبة عن التاء، فاحتجتَ أن تحذف حرفاً لتخف فكانت التاء أولى بالحذف لأن الميم يدل على معنى، وما تكافأ الزيادتان فيه فأنت بالخيار في حذف أيهما شئت. يقال في تصغير حَبَنْطى وهو من خُرِط بطنُه، حُبَيْط وحُبَيْنط.
[الإسفنط]
أخبرني أبو الفتح عثمان بن جني إفْعَنْل من السفَط وهو الرائحة الطيبة، وقال: إن كان عربياً فهو من فوائت الكتاب مثل ما ذكره أبو إسحق الزجاج كدُرداقِس وهَنْدَلِع وشَمَنْصير، وإن كان أعجمياً فلا شيء على سيبويه.
في شعر القدماء قال الأعشى:
وكأنَّ الخمرَ العتيقَ من الإس ... فنطِ ممزوجةٌ بماءٍ زُلالِ
المُصَفَّق
يقال صفقتُ الشراب أي مزجته، وأصل الصفْق وقعُ الشيء على شيء، ومنه الصفقة ضرب اليد على اليد. وفي الحديث: " التسبيح للرجال والتصفيق للنساء " ويقال أصفقتَ الغنمَ إذا لم تحلبها في اليوم والليلة إلا مرةً وهي الوجبة.
المَقَدِّي
هو ضرب من الأشربة بتشديد الدال والياء.
قال عمرو بن معد يكرب:
.............. ... وهمْ شَغلوهُ عن شُربِ المقدّي
وأصله من قَدِيَ الطعام يَقدى قَدىً وقَداوةً إذا كان طيب الريح، وقدرٌ قَديَّةٌ إذا كانت طيبة الريح، وأتانا قاديةٌ من الناس، وهم أول من يطرأ عليك. والقِنداوة الجريء الصدر، ويقال: بيني وبينه قِدى رمح وقيد رمح أي قدره.
قال الشاعر:
وإنّي إذا ما الموتُ لمْ يكُ دونَهُ ... قِدى الرمحِ أحمي الأنفَ أنْ أتأخرا
العرَق
هو الممزوج قليلاً مثل العِرق. يقال فيه عِرقٌ من الماء ليس يكثر؛ ومنه العَرَقة الطُّرّة تُنسج على جوانب الفسطاط؛ وجرى الفرس عرَقاً أو عرَقتين أي طلقاً؛ والعرَقة الخشبة تُعرض على الحائط بين اللَّبِن. ولهذا وجه آخر من الاشتقاق وهو العراق، وهو جلد يُجعل أسفل القربة متثنياً ثم يُخرز، كأن المزاج باشر أعلاها قليلاً. وسميت العراق لانخفاضها عن أرض نجد قليلاً؛ وقالوا من كثرة عروق الشجر فيها، قال الهذلي:
نغدو ونتركُ في المزاحفِ منْ ثَوى ... ونُمرُّ في العَرَقاتِ منْ لم يُقتَلِ
أي نأسرهم بالحبال. وقال الطائي:
وندمانٍ يزيدُ الكأسَ طيباً ... سقيتُ وقدْ تغوّرتِ النجومُ
رفعتُ برأسِهِ وكشفتُ عنهُ ... بمُعرَقةٍ مَلامةَ منْ يلومُ
الجِرْيال
قال الأصمعي الحمرة. قال الأعشى:
إذا جُرّدتْ يوماً حسِبتُ خميصةً ... عليها وجريالَ النضيرِ الدُّلامِصا
وهي فِعيال من الجرَل. يقال أرضٌ جَرِلة فيها حجارة غليظة. والجراوِل الحجارة واحدتها جَرْوَلة. قال جرير:
مِن كل مُشْتَرِفٍ وإنْ بَعُدَ المدى ... ضَرِمِ الرقاقِ مُنافِرِ الأجرالِ
ومثاله من العربية الكِرياس وهو الكنيف من أعلى السطح، والشِّرياف ورق الزرع إذا طال وكثر حتى يُخاف فساده. والدِّرياق لغة في التِّرياق وأمّ سِرياح من أسماء النساء.
قال الشاعر: